عقب انكساره في طرابلس وهروب ميلشياته المهزومة من المنطقة الغربية في يونيو 2020 ظل حفتر في تخبط خاصة بعد تخلي الدول الداعمة له في خياره العسكري.
تارة يعلن الانقلاب على مجلس النواب وتارة يهدد بالحرب من جديد إلا أن خياراته قوبلت بالرفض دوليا ومحليا ما دفعه لسلوك طريق آخر، والاتجاه نحو الخيار الدولي الداعم والمرحب بحكومة الوحدة الوطنية والمجلس الرئاسي الجديد.
مؤخرا نسق حفتر اجتماعا قبليا لدعمه بعد بيانات منددة من قبائل برقة بالوضع الأمني السيء في بنغازي خاصة، وبالاعتداءات التي تمارسها ميليشياته هناك.
حفتر ظهر بالبدلة الرسمية، داعيا لخروج المرتزقة والمصالحة في خطاب تناقضي غريب، وسبق هذا الاجتماع مناورات عسكرية لمليشياته التي يقودها أبناؤه صدام وخالد وصهره أيوب أجراها في غياب رئيس أركانه عبد الرازق الناظوري الذي رجحت مصادر صحفية أنه على خلاف معه؛ بسبب تقربه من الحكومة.
لكن السؤال المطروح هنا.. ماهي الرسائل التي يريد حفتر إرسالها بهذه الممارسات؟
مساران متوازيان
الكاتب الصحفي موسى تيهوساي قال في تصريح للرائد: إن حفتر يحاول التحرك في مسارين متوازيين فالأول وجوده العسكري في المشهد الحالي، والثاني العمل على الانتخابات القادمة نهاية العام؛ لذلك يظهر الترحيب بالحكومة الحالية.
وأضاف تيهوساي أن حفتر يحاول “الاحتفاظ بمنصبه” والدفع بأبنائه للحصول على أي منصب عسكري في حكومة الوحدة الوطنية، في حال قرروا تعيين وزير للدفاع ورئيس أركان جديد؛ لذلك ظهرت بوادر خلاف بينه وبين عبد الرزاق الناظوري الذي ينافس على هذا المسار.
ورأى موسى أن هذا ما يفسر غياب الناظوري عن المناورة العسكرية التي أجرتها ميليشيات أبناء حفتر مؤخرا، بل لا يُستبعد أن يحاول حفتر تغييب الناظوري تماماً عن المشهد بأي طريقة ممكنة -على حد قوله-.
وذكر تيهوساي أن تحركات حفتر واضحة للغاية للمتابع من خلال مؤتمر واسع للقبائل، إلى جانب تصريحات يعطي فيها انطباعا بأنه قائد للبلاد، ولكن ههنا لا بد من التنبه للمسار الدستوري، فلعل أمرا ما يحاك حاليا بشأنه، وهو ما يتطلب ضرورة إيلاء الاهتمام ببنود أي قاعدة دستورية تقدم لنا؛ لكي لا نشهد مستبدا جديدا يتولى زمام الحكم في البلاد، وفق تعبيره.
مهادنة وتمادٍ
الكاتب علي أبوزيد اعتبر في تصريح للرائد أن حفتر يريد إرسال عدة رسائل أهمها للداخل خاصة حاضنته بأنه لا يزال رقماً صعباً في المشهد ولا يمكن تجازوه.
وبين أبوزيد أن هناك رسائل موجهة للسلطة الجديدة مفادها أن المؤسسة العسكرية لن يتم توحيدها إلا وهو على رأسها، وأن خطابه الذي ألقاه في ملتقى القبائل يؤكد أن حفتر يرى نفسه فوق أي سلطة.
وورأى أبوزيد أن الرسالة الأخيرة يوجهها حفتر للمجتمع الدولي، وهي أن التسوية في ليبيا لن تنجح إلا بوجوده في المشهد، معتبراً أن نهج المهادنة والملاينة معه الذي تسلكه السلطة الجديدة ستجعله يتمادى في هذا الاتجاه.
مرشح برقة
الكاتب الليبي عبد العزيز الغناي يرى في تصريح للرائد أن حفتر يستعد لخوض الانتخابات دون شك و يحاول فرض رؤية “المرشح الوحيد على برقة” لاستعراض قوته ولإسكات أي صوت ينادي بترشح أي مرشح آخر.
وقال الغناي إن لقاءه بالعسكريين يعني أمرين: الأول مباركة كل هؤلاء لخطوته القادمة وهي خلعه للبدلة العسكرية والترشح للانتخابات، والثاني هو تأكيده أنه المسيطر عسكرياً على كل هؤلاء وأنه الرجل الأقوى في الشرق وقادر على إدارة العسكريين لأي أمر هو يريده -على حد قوله-.