في حواره مع شبكة الرائد الإعلامية قال رئيس المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله: إن حكومة الوحدة الوطنية محظوظة؛ لأنها وجدت أمامها 8 مليارات دولار بإمكانها الاستفادة منها، مشيرا إلى أن تجميد الإيرادات سببه “أن المال يسرق ويضيع؛ بسبب التشظي السياسي، دون وجود أي إصلاح”.
وأكد صنع الله، في حديثه لمراسل الرائد على هامش زيارته لمدينة مصراتة، أن الإنتاج الحالي للنفط يبلغ مليون و300 ألف برميل يوميا، وبالإمكان الوصول إلى مليون و450 ألف برميل نهاية العام… فإلى نص الحوار:
مرّ عام على تسجيل أول إصابة بفيروس كورونا في ليبيا، ماذا عن جهودكم في دعم قطاع الصحة وما يضمه من مراكز صحية لمجابهة الجائحة؟
المؤسسة الوطنية للنفط ربما هي الجهة الأولى التي اتخذت خطوات عملية إجرائية؛ من أجل مجابهة كورونا لعدة أسباب، أولها أن قطاع النفط هو القطاع الأساسي لتوليد العملات الصعبة في ليبيا، أكثر من 95٪ من الاقتصاد الوطني يعتمد على النفط، وثانيها المسؤولية الاجتماعية في نطاق عملياتنا، وفي هذا الاطار قدمنا صراحة مساعدات طبية عاجلة منذ بداية الأزمة، قد نكون نحن الأولين، ورّدنا كل المعدات من معقمات وقفازات وكمامات وأجهزة التحليل السريع أيضاً.
من استفاد من هذا الدعم؟
استفاد منه كل العاملين في قطاع النفط، في كل الحقول والموانئ النفطية، كما استفاد منه القاطنون في مناطق عملياتنا في الواحات، البطنان، مليتة، الزاوية، غريان، الجبل بصفة عامة، مرزق، القطرون، أوباري، واستفاد منه أيضاً السكان في باقي المناطق البعيدة عن النفط، يأتي ذلك انطلاقاً من المسؤولية الاجتماعية؛ لأن الناس بحاجة ماسة لهذه الخدمات، أيضاً ساعدنا مراكز العزل وجهّزناها بأسطوانات الأكسجين، وأجهزة التحليل “PCR”، في الوقت الذي لم يصدق فيه كثيرون جائحة كورونا، كانت مساهمة الشركات الأجنبية وشركاؤنا الأجانب فعالة جداً، شركتا “سانكور وتوتال” كانتا لهما السبق صراحة في تقديم مساعدة سريعة، تحت إشراف إدارة التنمية المستدامة التي سابقت الليل بالنهار؛ لأنها كانت تعي حجم الخطورة، وكانت تعمل 24/7، واستطاعت في خلال أسابيع توفير كل هذه الإمكانيات في الوقت الذي لم تتحصل فيه دول على مثل هذه الإمكانيات.
زُرتَ مصراتة وتفقدتَ عددا من المشروعات بها، ماذا عن هذه المشروعات؟ وهل ستحظى بدعمكم في إطار المسؤولية الاجتماعية للمؤسسة، والتنمية المكانية؟
مدينة مصراتة بها أكبر مستودع للوقود، وتفقدنا خلال الزيارة أعمال إعادة البناء لخزانات البنزين والكيروسين التي دُمرت عام 2011، إحدى الخزانات انتهت أعمال التركيبات فيها بالكامل، ونحن بانتظار اختبار وإجراء عمليات التشغيل فيه خلال الأيام المقبلة.
هذه الخزانات تعطي متنفسا وزيادة للمخزون؛ لأن خزانات طرابلس كلها استهدفت؛ بسبب الحروب المتعاقبة، وبالتالي ستكون رافدا لمناطق طرابلس الكبرى والجنوب، فقبل يومين كانت هناك أزمة خانقة في طرابلس؛ بسبب ارتفاع البحر والموج ولم تتمكن السفن من الدخول، ولأن الخزانات كلها تضررت من الحرب، ولا يوجد أي سعات تخزين في العاصمة، ولكن بدعم من مستودعنا في مصراتة استطعنا أن ندعم طرابلس الكبرى وأسعفناها بالوقود.
تفقدنا أيضا مركز القلب، ووقفتُ على المساهمة الفعالة للمؤسسة من توفير جهاز القسطرة القلبية، وغُرف العناية، كما أننا تفقدنا مستشفى السكري والغدد الصماء، أيضاً ساعدنا هذا المستشفى.
كما كانت لي زيارتان مهمتان، للشركة الليبية للحديد والصلب، والمنطقة الحرة التي تمتلك إمكانيات كبيرة جداً، وبإمكاننا التعاون معها؛ من أجل تعزيز التعاون اللوجستي الخدمي، لديهم مثلاً مساحات كبيرة جداً مسقوفة، نتحدث عن أكثر من 5 هكتارات من المخازن المسقوفة التي بالإمكان استعمالها خاصة؛ لتقديم الخدمات للحقول البحرية وفي التزويدات ونحوها، ولديهم أيضاً مهبط عمودي ممتاز جداً من الممكن استعماله في تطوير القطع البحرية خاصة التي هي قيد الهندسة التفصيلية حالياً.
أيضاً ما يتعلق بالحديد والصلب، قدم لنا مهندسون مختصون عرضاً مرئياً، وإمكانية التعاون بين المؤسسة والشركة، ستكون في ثلاثة مجالات، مجال تصنيع أنابيب النفط والغاز، وأيضاً أنابيب الحفر، وصناعة وتركيب وإنشاء الخزانات، وأيضاً تصنيع أسطوانات غاز الطهي، فالشركة الليبية للحديد والصلب بإمكانها تصنيع 200 ألف اسطوانة محلياً حسب المواصفات القياسية بدلاً من توريدها من الخارج، وهذا ينمي ويحفز الاقتصاد المحلي، هناك تكامل بين المؤسسة والشركات الوطنية سواء الخاصة أو العامة.
هل هذه هي المرة الأولى التي تعلمون فيها قدرة الشركة الليبية للحديد والصلب على تصنيع أنابيب النفط وأسطوانات الغاز؟
المرة الأولى نعم، وقد أبلغت رئيس مجلس إدارة الشركة “محمد الفقيه” أن صاحب الخدمة هو من يجب أن يروج لخدمته أو صناعته التي يقدمها، وما حدث اليوم أنني حضرت بنفسي وزرت الشركة وسألت عن إمكانية الاستفادة من خدماتهم، واطلعت على إمكانياتهم، في نهاية الأمر هذا مال عام وطني ليبي، يسهم في تحفيز الاقتصاد المحلي، أعتقد أنها كانت زيارة موفقة بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
ماذا عن إجمالي إيرادات النفط خلال الربع الأول من العام الجاري، وهل تعد قيمة هذه الإيرادات أكبر إذ ما قورنت بذات الفترة عن العام الماضي؟
نعم، طبعاً أكثر، الحكومة الجديدة محظوظة، الجيد أننا جمّدنا الإيرادات خلال العام الماضي، أتت الحكومة الحالية ووجدت أمامها 8 مليارات دولار جاهزة، وبإمكانها الاستفادة منها، و”قرار إيقاف الإيرادات سببه أن المال يسرق، المال يضيع، الطايح مرفوع، وكذلك أيضاً؛ بسبب التشظي السياسي، هل شاهدتم شيئاً، هل رأيتم إصلاحاً قد تم؟ الإجابة، للأسف “لا”.
ماذا تمثل الـ 8 مليارات دولار التي تحدثت عنها؟
تمثل قيمة الإيرادات منذ تجميد الإيرادات، مضافاً إليها بعض التسويات التي لم تتم بعد، مثل صفقة “مارثون توتال” وغيرها من التسويات الأخرى مع شركاء المؤسسة، أي أن معظمها أموال ليبية، ونحن نتمنى أن يتم الاستفادة من هذه الأموال في برامج التنمية ومساعدة قطاع النفط، وقد وعدتنا حكومة الوحدة الوطنية بأن يتم تخصيص أموال للمؤسسة ضمن ميزانيتها، وإذا تم ذلك فبالإمكان زيادة الإنتاج والوصول به إلى مليون و450 ألف برميل مع نهاية العام، إنتاجنا اليومي اليوم مليون و300 ألف برميل، وفي هذا المقام نتمنى أن تكون هناك شفافية في كل الجهات بالدولة، ونحن في المؤسسة لدينا برامج شفافية عالية جداً، ونفتخر ونعتز بأننا الأوائل في الشفافية، وأننا الرواد في برامج الشفافية، كل العقود تنشر على الموقع الإلكتروني للمؤسسة الوطنية للنفط، وحتى أسعار النفط والمشتريات والمبيعات ننشرها على الموقع، وكل ما نقوم به على المكشوف، وما نتمناه من المؤسسات الأخرى أن تحذو حذو المؤسسة؛ لأن مشوار الشفافية طويل جداً.
إيرادات النفط الليبي تودع في مصرف ليبيا الخارجي بدلاً من مصرف ليبيا المركزي، هل أنتم راضون عن ذلك؟
لا؛ لأن الإجراء وفق القانون يعد غير صحيح، ولا ينبغي أن يكون هكذا، بحسب القانون المؤسسة هي من تحصّل إيراد بيع النفط، وتستقطع ميزانيتها، والباقي يحال للحكومة، وهذا القانون موجود من 1955، وليس مني أنا، المعمول به حالياً من إيداع إيرادات النفط في مصرف ليبيا الخارجي، كله بترتيبات وقتية، لكنها ليست قانونية، وأنا قدمت مقترحات للحكومة؛ لإعادة تفعيل القوانين السابقة؛ لكي تستمر المؤسسة في الإنتاج، وتستمر في زيادته.