يعد مرض اللشمانيا، أحد الأمراض الطفيلية حيوانية المصدر، فهو ينتقل عن طريق قرصة ذبابة الرمل، وهي حشرة صغيرة للغاية، وينتمى هذا المرض إلى مجموعة الأمراض الجلدية والباطنية.
ويعرف اللشمانيا بأسماء عدة، منها دمل الشرق وحبة حلب وحبة بغداد، كما يعرف في التسميات الدارجة بالآكلة، ويعتبر من أكثر الأمراض الجلدية انتشاراً في العالم، ويصيب الأشخاص في مختلف الأعمار.
يهاجم هذا المرض الجلد مسبباً له جروحاً متقيحة، والتي تستمر فترة زمنية طويلة، وتبدأ الإصابة في الظهور بعد أسابيع عدة من لسعة ذبابة الرمل، وتكون على هيئة حبوب حمراء صغيرة أو كبيرة.
وتظهر التقرحات على هذه الحبوب، ثم تظل إفرازات هذه التقرحات حتى تتيبس بسطحها، وتتسع هذه القرحة بصورة متدرجة، وبالذات عند وجود ضعف في المناعة لدى البعض.
وتصيب هذه الآفات المناطق المكشوفة من الجسم في أغلب الحالات، وتتراوح مدة الشفاء من داء اللشمانيا من 5 إلى 13 شهراً.
ونتناول في هذا الموضوع كل جوانب مرض اللشمانيا، مع بيان العوامل والأسباب التي تؤدي إلى الإصابة به، وكذلك الأعراض التي تميزه عن غيره من نفس الأمراض، إضافة إلى الدراسات التي تناولته، مع طرق الوقاية الممكنة وأساليب العلاج المتبعة أو التي ظهرت حديثاً.
ذبابة الرمل
تؤكد الدراسات، أن ذبابة الرمل هي التي تتسبب بالإصابة بمرض اللشمانيا؛ حيث إنها تنقل الطفيل المؤدي إلى هذا المرض، من خلال مصه من دم المصاب، سواء أكان إنساناً أو حيوناً مثل القوارض أو الكلاب، إلى دم شخص سليم مسببة إصابته بهذا الداء.
وتمتاز هذه الحشرة، بأنها صغيرة للغاية، فلا يتجاوز حجمها ثلث حجم البعوضة العادية، ولونها أصفر، وتمتاز كذلك بالانتقال قفزاً، ويزيد نشاطها خلال الليل، كما أنها لا تصدر أي صوت، ولذلك فلا يشعر الفرد بها عندما تلسعه.
وتعيش ذبابة الرمل في الجو الحار الرطب، والصيف هو فصل زيادة حركتها، وتتغذى على الدم، سواء من البشر أو الحيوانات.
وتشير دراسة حديثة إلى أن الكلاب أو الثعالب في الأغلب هم المستودع الأساسي لطفيل هذا المرض، والذي يتكاثر في معدة الحشرة، ثم يصل للعابها، وبالتالي، فإن لدغها للشخص أو الحيوان السليم يفتح الطريق أمام دخول هذه الطفيليات للجسم، مسببة له مرض اللشمانيا.
ثلاثة أنواع
يزيد عدد الطفليات الأولية التي تسبب داء اللشمانيات على 20 نوعاً، والتي تنتقل كما ذكرنا من خلال لدغة أنثى ذباب الرمل، ويبلغ عدد أنواع هذا الذباب أكثر من 90 نوعاً.
ويوجد لمرض اللشمانيات 3 أشكال رئيسية، وهي داء اللشمانيات الحشوي، وداء اللشمانيات الجلدي، والثالث داء اللشمانيات المخاطي الجلدي.
يعـرف النوع الأول مــــــن داء اللشمانيات بالكالازار، ويتســــبب هذا المرض بالوفاة لدى أكثر من 91 % مـــن الحالات، إذا ترك دون علاج.
ويتوطن هذا النوع في شرقي إفريقيا وشبه القارة الهندية، ويصاب به حوالي مليون حالة جديدة كل سنة على مستوى العالم.
الأكثر انتشاراً
يعد النوع الثاني من داء اللشمانيا، أكثر الأشكال انتشاراً، وهو يسبب آفات جلدية، وبالأخص قرحات في الأجزاء المكشوفة من الجسم، وبالتالي يؤدي إلى ندوب دائمة وعجز خطر.
وينتشر هذا النوع في دول حوض البحر المتوسط والشرق الأوسط، ووسط آسيا والأمريكتين، ويصيب ما يزيد على ثلاثة أرباع المليون حالة في السنة.
ويتسبب النوع الثالث في تلف جزئي أو كلي للأغشية المخاطية، التي تبطن الأنف والفم والبلعوم، إضافة إلى إصابة الجلد، وتحدث أكثر من 90 من الإصابات بهذا النوع في البرازيل وبيرو وبوليفيا.
لدغ الأنثى
يعتبر السبب الرئيسي وراء الإصابة بداء اللشمانيا، هو اختراق الطفيليات أحادية الخلية من فصيلة اللشمانيا للجلد، وذلك نتيجة لدغ أنثى ذبابة الرمل.
وتستطيع هذه الطفليات، أن تحيا وتتكاثر في خلايا الجهاز المناعي للجسم، ويمكن أن تؤدي عملية نقل دم من شخص مصاب إلى آخر سليم في انتقال هذا المرض.
ويزيد خطر الإصابة بهذا الداء بسبب سوء ظروف السكن، وعدم توفر الاشتراطات البيئية في إدارة النفايات والصرف الصحي؛ حيث تعتبر هذه الظروف مناسبة لتكاثر ذباب الرمل.
وينجذب ذباب الرمل إلى المساكن المزدحمة؛ حيث يتوفر له مصدر جيد للدم الذي يتغذى عليه، ويزيد كذلك السلوك البشري من خطر الإصابة، ومن ذلك النوم على الأرض أو في الخارج.
النظام الغذائي
يتسبب عدم توفر بعض العناصر في النظام الغذائي للشخص، كالبروتين والحديد والفيتامينات، في زيادة احتمال العدوى بمرحلة الكالازار.
ويمكن أن تزيد فرص الإصابة بوباء اللشمانيا الجلدي والحشوي بسبب الهجرة، والانتقال إلى المناطق التي يكون فيها دورات لانتقال المرض.
ويعتبر من العوامل المهمة في الإصابة بهذا المرض، التعرض المهني وإزالة الغابات على نطاق واسع؛ حيث ينتقل من يقيمون في مناطق الغابات المزالة إلى أماكن قريبة من موائل ذباب الرمل، وهو الأمر الذي يزيد حالات الإصابة.
ويتأثر داء اللشمانيا، بالتغييرات المناخية كهطول المطر والحرارة والرطوبة، ويؤثر كذلك الاحترار العالمي وتدهور الأراضي في هذا الوباء بطرق مختلفة.
بقعة حمراء صغيرة
تبدأ أعراض الإصابة بمرض اللشمانيا، بظهور بقع حمراء صغيرة على جلد المصاب، وبالذات في الأماكن المكشوفة كالذراعين والوجه، وذلك عقب تعرضه للدغة ذبابة الرمل.
وتظهر هذه البقع الصغيرة في مدة حضانة المرض، والتي تتراوح ما بين 2 إلى 4 أسابيع، قبل أن تظهر الأعراض على هيئة بقع حمراء بصورة أكبر، ويظل حجمها يزداد بشكل بطيء.
وتصير كتلة واضحة ومتقرحة، وربما ظهرت تقرحات عدة، وذلك بحسب اللسعات التي تلقاها المصاب، وتستمر هذه التقرحات من 6 إلى 18 شهراً.
شفاء بصورة تلقائية
يتميز النوع المسمى بالكالازار، بالشعور بنوبات من الحمى غير منتظمة، وفقدان للوزن، مع تضخم في الطحال والكبد، والإصابة بفقر الدم.
ويلاحظ أن المصاب يتماثل للشفاء بصورة تلقائية، إلا أن التقرحات التي أصابت الجلد تترك مكانها عقب الشفاء على هيئة ندوب.
ويتعرض حوالي 10% من المتعافين من هذا المرض للإصابة مرة أخرى، وذلك بسبب افتقادهم للمناعة التامة ضد المرض.
الاختبارات الطفيلية
ينصح في حالة ظهور بقع حمراء على الجلد، أو بقع متقرحة بالحصول على استشارة مختص أمراض جلدية بشكل فوري، وبخاصة في المناطق التي تكثر فيها ذبابة الرمل.
ويقوم الطبيب بتشخيص الحالة من خلال العلامات السريرية، والاختبارات الطفيلية أو الاختبارات المصلية، وربما لجأ إلى أخذ عينة من الآفة الجلدية وفحصها، أو القيام بتحليل الدم.
وتحدد عوامل عدة خطة علاج داء اللشمانيا، ومنها نوع المرض، والباثولوجيا التي تصاحبه، وكذلك أنواع الطفيليات والموقع الجغرافي.
ويصف الطبيب المعالج بعض المراهم، التي تقوم بقتل الطفيليات المسببة للمرض، ومن الممكن أن يعطي حقناً داخل البقع المتقرحة أو دخل الوريد، وكذلك بعض المسكنات.
نصائح للوقاية
تبدأ خطوات الوقاية من مرض اللشمانيا بالقضاء على ذبابة الرمل؛ حيث إنها الناقل لطفيل المرض، ويتم ذلك باستخدام المبيدات الحشرية، وتتضمن الوقاية كذلك مكافحة الحيوانات التي تنقل الحشرة والمرض، مثل القوارض والكلاب والثعالب.
وينصح بصفة عامة بمراعاة النظافة العامة والشخصية، وتوخي الحذر في المناطق الموبوءة، وبالذات في الأوقات التي تنشط فيها ذبابة الرمل، وهو وقت الغروب وحتى تشرق الشمس.
ويجب ارتداء ملابس ذات أكمام طويلة، مع استخدام ناموسية أثناء النوم، ويمكن رشها بمبيدات حشرية من النوع قليل السمية على الشخص.
النوافذ والحيوانات
وينصح بتركيب شباك معدني ناعم على النوافذ، وبالنسبة للصرف الصحي يتم تمديد شبكات آمنة، والتعامل مع المخلفات الحيوانية بصورة جيدة.
وينبغي عدم تربية الحيوانات في مناطق السكن، وإبعاد المخلفات الحيوانية، مع صيانة الحظائر الخاصة بها، ومنع انتشار القوارض أو البعوض، والتخلص من الكلاب الشاردة.
ويجب على المصاب أن يضع غطاء رقيقاً على مكان اللدغة، وذلك لأنها تجذب الحشرات مرة أخرى، وبالتالي يكون مصدر عدوى للآخرين.
المصدر : وكالات