قتلي وجرحى سقطوا خلال اليومين الماضيين في مدينة طبرق إثر اندلاع مواجهات قبلية بين أفراد من قبيلتي العبيدات والقطعان على خلفية منصب مدير الضمان الاجتماعي في المدينة.
هذه المواجهات أسفرت عن مقتل أربعة أشخاص، وعدد من الجرحى، وسط عجز ميليشيات حفتر عن السيطرة على هذه الاشتباكات.
بدأت هذه الاشتباكات بحرق مكتب الضمان، ثم تحولت إلى مواجهات دامية بين أفراد القبيلتين ما أسفر عن تعطل الحياة العامة، وزرع الخوف بين الناسن وشل كل المؤسسات الحكومية في المدينة التي كانت مقرا للبرلمان، وترفع عنوان السلام.
اعتراف بالعجز
آمر مليشيات حفتر بمنطقة طبرق سالم الرفادي أكد أنهم عجزوا عن فض الاشتباكات القبلية التي اندلعت بين قبيلة القطعان والعبيدات، مؤكدا أن النزاع القبلي حول مكتب الضمان الاجتماعي موجود منذ أكثر من شهرين، لكنهم لم يستطيعوا التدخل لحله، مضيفا أن السبب بدأ بشكاوى عديدة من خروقات وتجاوزات قانونية في دفع رواتب المتقاعدين الذين يصل عددهم في طبرق نحو 50 ألف متقاعد.
وقال الرفادي، في بيان رسمي الجمعة، إن الاشتباكات دارت؛ بسبب محاصصة قبلية على خلفية تغيير مدير مكتب الضمان الاجتماعي بطبرق، ومنحه لابن شقيقة مجلس نواب طبرق عقيلة صالح، ما نتج عنه تفجير المبنى ومقتل 4 مسلحين من هذين القبيلين، وعدد من الجرحى، وخسائر مادية في الأملاك الخاصة والعامة.
تغذية الجهوية والقبلية
منذ سيطرته على المنطقة الشرقية ارتكز حفتر وميليشياته على الشحن والتجنيد القبلي لدعمهم بشريا، وأوهم بعض أعيان القبائل الذين اشتراهم بحفظ مصالحهم في الدولة، وتقسيم المناصب والمسؤوليات الحكومية بين القبائٔل، حتى أصبحت المسؤوليات في مكاتب خدمية ومرافق أساسية مثل الضمان الاجتماعي موزعة حسب الانتماء الاجتماعي، وليس الكفاءة والمقدرة.
ولعل من أبرز الخطابات التي جسدت هذا الفكر خطاب” الشيخ إبريك اللواطي” أحد مشايخ قبيلة العواقير في يونيو من عام 2016 حين قال: إن قبيلة المغاربة أخذت وزارة النفط، وقبيلة العبيدات أخذت البرلمان، وقبيلة البراعصة أخذت الحكومة الموقتة، ونحن نأخذ وزارة الموت، قبيل أن يلقي حته في تفجير سيارة مفخخة بمنطقة سلوق عام 2017.
مشروع حفتر المليشياوي
أصوات التحشيد والشحن التي مارسها حفتر قبل وخلال العدوان على العاصمة غطت على مشاكل ومطالب اجتماعية أساسية للناس، وقمعت الأصوات التي تشكو الوضع الاجتماعي المتردي.
وبعد هزيمة العدوان طفت هذه المطالب على السطح، وتعالت الأصوات، سرعان ما انكشف وفشل مشروع حفتر الميليشاوي القبلي في تعويض الدولة التي غيبها، سواء في تقديم الخدمات الأساسية أو حتى توفير الأمن للناس والممتلكات.
مشروع حفتر لم يسفر إلا عن تدمير بنغازي ودرنة، وتهجير أكثر من نصف مليون شخص منهما،
تلاهما تدمير جنوب طرابلس، وقتل المئات من الأبرياء .
تقسيم النسيج الاجتماعي والقبلي ظهر في جل المناطق التي دخلتها ميليشيات حفتر، ومنها المناطق الجنوبية خلال هجومهم على مدينة مرزق، وحرقهم لمئات المنازل، وما حدث في سبها مؤخرا بين أولاد سليمان وقبيلة القذاذفة وغيرها.
الخوف من الحل السياسي
في حين يظل الحوار السياسي والمصالحة هو الطريق الوحيد لإنهاء الانقسام وتوحيد الدولة لتحرير الليبيين أينما كانوا من أجواء الخوف وسيطرة مشروع الحكم العسكري المتحالف مع شبكات الفساد المسيطره على كافة مؤسسات الدولة بالمحاصصة والجهوية.
حفتر ومليشياته يرفضون أي حلّ سياسي؛ لأن نهجهم واضح عبر القتال وخوض معارك واهمه لنيل المكاسب ولتوطيد أركان حكم الفرد الشمولي على كافة المؤسسات.
ولعل محاولة حفتر عرقلة الحوار الليبي في تونس، وقبله المؤتمر الوطني الجامع في غدامس خير دليل على أن حفتر يخاف التوصل إلى تسوية سياسية تلقي به خارج المشهد الليبي، وهو الذي يقتات وجوده على الحروب بين أبناء الوطن الواحد.