مر يومان على اغتيال المحامية حنان البرعصي في مدينة بنغازي، في وضح النهار، دون إجراءات حقيقة للتحقيق في هذه الجريمة الشنعاء.
وأمر حفتر بفتح تحقيق في الجريمة والقبض على الجناة؛ لمحاولة امتصاص غضب أهالي الضحية
ومن أمام مبني البرلمان في مدينة البيضاء خرج أعيان من قبيلة البراعصة، في بيان، مستنكرين اغتيال حنان ومطالبين بتسليم الجناة وتنظيف بنغازي من الميليشيات، بل وعبروا عن قدرتهم في تنظيف المدينة من هذه الميليشيات.
تحقيق نزيه
مديرية أمن بنغازي أعلنت مباشرة التحقيق في الجريمة، وأخذ شهادة المتواجدين لحظة الحادث وفحص كاميرات المراقبة.
إلا أن البعض رأوا أن التحقيق أسند لمسؤولي أجهزة مسلحة مشبته في علاقتها بالحادثة، وهي نفسها الأجهزة التي استقبلت نقابة المحامين ساعات قبل الاغتيال، وطلبت منها رفع الغطاء المهني عن حنان البرعصي، وشطب قيدها منها.
البرعصي هاجمت وزر داخلية الثني “أبوشناف ” في أكثر من مرة، قبل أيام من مقتلها راسلت مديرية أمن بنغازي نقابة المحامين في بنغازي بشطب البرعصي من النقابة، وإسكات صوتها، فكيف يمكن أن يكون التحقيق شفافا، وهؤلاء هم المسؤولون عنه.
تجاهل الأدلة
حفتر وميليشياته المسيطرة على كامل المنطقة الشرقية لم يقوموا طوال الفترة الماضية بالتحقيق أو الرد على أي من التهديدات المعلنة التي كانت تصل للمغدورة من أطراف معروفة الهوية حتى بعد أن قدمت شكوى بشأنها رغم مناشدتها لحفتر شخصيا عبر فيديوهاتها .
وكانت البرعصي قد نشرت مرارا مقاطع وتسجيلات صوتية لأشخاص قاموا بتهديدها بالخطف والقتل، لكن الجهات الأمنية في بنغازي لم تتخذ أي إجراء لحمايتها من هذه التهديدات ومصادرها رغم أنها موثقة بالاسم والصور وأرقام الهواتف.
هذه الأجهزة لم تبد أيضا اهتماما بمحاولة الاغتيال التي تعرضت لها ابنة حنان قبل أيام، ورغم تقديم البرعصي لشكوى لإدارة الأمن حول الحادثة.
ولم تتطرق هذه الجهات ولا الوسائل الإعلامية التابعة لحفتر إلى توجيه البرعصي انتقادات في حق ابن حفتر “صدام ” قبيل ساعات من اغتيالها، وتحصله على رتبة رائد دون وجه حق، وعن فساد المجموعات المسلحة التي يقودها في بنغازي والشرق، وعلى رأسهم الكتيبة 106 المتورطة في اختطاف النائبة سهام سرقيوة من بيتها في يوليو من العام الماضي.
مصير سرقيوة
في حقيقة الأمر لا يمكن عقد الكثير من الآمال على التحقيقات الجارية الآن، فحنان ليست الأولى التي تواجه نفس المصير بعد انتقاد حفتر وأبنائه، والمشروع العسكري هناك.
فقد سبق ذلك اختطاف عضو البرلمان سهام سرقيوة من بيتها، بعد معارضتها للعدوان على طرابلس، وبعد مرور أكثر من سنة على اختفاءها لم يكشف عن مصيرها حتى الآن، ولم يعط المسؤولون هناك أي حقائق واضحة، بل إن أبوشناف خرج بتصريح واجهته ردود فعل ساخرة منه بعد أن اتهم مجموعة إرهابية بالدخول لبنغازي، وخطف سرقيوة، ثم الخروج بها من المدينة.
هذه الجرائم العلنية تعكس مدى التوحش والإجرام في المناطق الخاصعة لسيطرة حفتر وميليشياته التي تخلف وراءها الجثث أينما حلت، ولعل ترهونة أكبر شاهد على هذه المجازر بعد اكتشاف 25 مقبرة استخرج منها 115 جثة حتى الآن، وليبقي السؤال مطروحا من سيحاسب هؤلاء القتلة في ظل حماية حفتر لهم وضمان إفلاتهم من العدالة القضائية في المناطق الخاضعة له؟