بعد هزيمة ميليشيات حفتر ومرتزقته وطردهم من المنطقة الغربية في السادس من يونيو الماضي سارعت القوى الإقليمية لطرح المبادرات السياسية لإنقاذ الموقف بعد فشل المشروع العسكري التي تدعمه الإمارات ومصر وروسيا في ليبيا.
حفتر وحلفاؤه أصبحوا تحت الضغط والخضوع للحوار بعد دخول الولايات المتحدة على المشهد الليبي بقوة، وتحالف حكومة الوفاق مع تركيا فيما اقتنع الأوربيون أخيراً، وعلى رأسهم فرنسا بفشل حفتر وسقوطه؛ تمهيدا لإخراجه من المشهد السياسي في القريب العاجل.
انطلقت جولات الحوار الليبي في عدة دول عربية وغريبة لتحديد مسار الحل السياسي القادم، كان آخرها لقاء مباشر هو الأول من نوعه بين اللجنة العسكرية المشتركة 5 +5 في مدينة جينيف السويسرية برعاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا.
أول الملفات الموضوعة على طاولة حوار هذه اللجنة هو إخراج المرتزقة خاصة مرتزقة الفاغنر الذين يحتلون مدينتي سرت والجفرة وبعض الموانئ والمنشآت النفطية.
مناطق منزوعة السلاح
مطالبات نزع السلاح وإخراج كافة أشكال المرتزقة من سرت والجفرة والموانئ والحقول النفطية، تتوافق مع دعوات الولايات المتحدة وألمانيا وإيطاليا ومجلس الأمن وبعثة الأمم المتحدة في ليبيا.
هذه الضغوط أجبرت حفتر على استئناف تصدير النفط والاستجابة للضغوط الأمريكية، كما جاء في بيان السفارة الأمريكية في سبتمبر الماضي، والتي كشفت عن التزام حفتر بإعادة ضخ النفط في موعد أقصاه الـ 12 من ذات الشهر.
الآن هذه الضغوط مستمرة؛ لإجبار حفتر على إخراج المرتزقة الذين جلبهم في عدوانه على طرابلس أبريل من العام الماضي.
غطاء روسي
الخارجية الامريكية اتهمت مرارا روسيا بالسعي لخلق الفوضى، َوعدم الاستقرار في ليبيا عن طريق ما وصفته بأفعالها الخبيثة بتحريك مرتزقة الفاغنر للسيطرة على مناطق مهمه وسط ليبيا، والسعي لإنشاء منطقة نفوذ روسية على شاطئ البحر المتوسط.
مرتزقة الفاغنر البالغ عددهم أكثر من 2500 مرتزق، بحسب التقارير الصحفية الأخيرة، يستمرون في تعزيز نفوذهم وتجهيزاتهم في كل من سرت والجفرة.
وكشفت مصادر عسكرية عن إنشاء الفاغنر لأكثر من 20 نقطة دفاع حول قاعدة الجفرة، وزراعة الألغام في سرت والطرق الرابطة بينهما، كما عززت عتداها من الأسلحة والمرتزقة السوريين بجسر جوي بين دمشق َوبنغازي.
هذه المؤشرات تعكس مدى فقدان سيطرة حفتر على المرتزقة الروس، وأن روسيا استعملته كغطاء فقط لدخول المنطقة والتمركز فيها، ولم يعودوا في حاجة له الآن، وقد يكون هذا التحدي الأكبر أمام تطبيق الخطة الأممية في المسار العسكري.
عقبة أمام الحوار
ومع انطلاق أعمال اليوم الثاني للجولة الرابعة من محادثات اللجنة العسكرية المشتركة في جينيف تواجه المشاركين فيه معضلة إخراج المرتزقة الروس من الأماكن التي سيطروا عليها في ليبيا.
ويرى مراقبون أن أهم عقبة تواجه نجاح الحوار العسكري هو أن الروس الذين يرون أن حفتر قد انتهت مهمته سيسعون لتسليح طرف ليبي جديد، قد يكون بقبعة قبلية أو سياسية أو هما معا؛ ليستعملونه كشماعة للبقاء والتفاوض باسمه، خاصة بعد تصريح وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف مؤخرا بأن الحوار يجب ان يشمل كل من يملك قوة وتأثيرا على الأرض.
َوكشفت صحيفة “الاندبندنت” البريطانية” في تقرير لها أن حفتر بالنسبة للروس لعبة أكثر من كونه “لاعبا”
وأكدت الصحيفة أن حفتر تلقى وعودا من الروس، لدعمه خلال الأشهر القريبة، لكنه لم يتلق شيئا باستثناء بعض المرتزقة، ولم يحصل على معدات أو أسلحة روسية، مضيفة أن روسيا أصبحت تخسر بعض المناطق في ليبيا بعد طرد حفتر منها من قبل حكومة الوفاق
فرصة للإنقاذ
حالة الانقسام السياسي والمؤسساتي في ليبيا سمحت للقوى الدولية بتمرير أجندتها على حساب استقرار ليبيا وأمن شعبها، وستظل تقتات من هذه الفوضى الي أن يتوحد الليبيون خاصة أنصار دولة القانون والمؤسسات المناهضين لمشروع التمرد والعسكرة؛ لإنجاح الحوار السياسي وتوحيد السلطة التنفيذية والمؤسسات السيادية، وتحضير شروط الذهاب إلى انتخابات تعيد الشرعية الشعبية والديمقراطية للحكم.