على أمل الشعور بالنشاط، نشرب القهوة صباحا. ولكن قد يحدث تأثير معاكس، فنبدأ بالتثاؤب ونشعر بالنعاس. وقد يكون السبب هو جودة القهوة التي نستهلكها. ولكن حتى بعد شرب قهوة صافية ذات جودة عالية دون أي إضافات، قد لا يشعر البعض بأي نشاط يذكر.
في تقريرها الذي نشره موقع “ليزا” الروسي، قالت ماريا سيدوفا إن هناك أسبابا عدة وراء الرغبة في النوم بعد شرب القهوة. ولكننا يجب أن نعلم قبل كل شيء مدى تأثير هذا المشروب على وظائف الدماغ.
كيف يعمل الكافيين؟
أشارت الكاتبة إلى أن الوظيفة الرئيسية للكافيين الموجود سواء في القهوة أو الشاي أو الشوكولاتة وفي بعض المشروبات وكذلك في الأدوية، هي التأثير على الجهاز العصبي.
للكافيين بنية مشابهة للأدينوزين (Adenosine)، وهي مادة كيميائية موجودة في جميع الخلايا البشرية.
يعمل الأدينوزين في الدماغ مثبطا للجهاز العصبي المركزي، إذ يعزز النوم ويثبط الاستثارة عن طريق إبطاء النشاط العصبي.
عند الاستيقاظ، ترتفع مستويات الأدينوزين في الدماغ كل ساعة، مما يجعل الدماغ والجسم أقل يقظة.
بالنسبة للخلية العصبية، يبدو الكافيين مثل الأدينوزين، حيث يرتبط الكافيين بمستقبلات الأدينوزين. ومع ذلك وعلى عكس الأدينوزين فإن الكافيين لا يقلل من نشاط الخلية.
وبما أن الكافيين يستخدم جميع مستقبلات الأدينوزين المرتبطة، فإن الخلايا لا تعود قادرة على الارتباط بالأدينوزين. ونتيجة لذلك، بدلا من التباطؤ بسبب مستوى الأدينوزين، يزداد النشاط الخلوي بسبب الكافيين ويتنشط الجهاز العصبي.
وقدمت الكاتبة بعض التفسيرات التي قد تكون وراء شعور البعض بالنعاس بعد شرب القهوة:
1- تناول كمية كبيرة من الكافيين
أشارت الكاتبة إلى أن تناول جرعة زائدة من القهوة قد يؤدي إلى الشعور بالنعاس، وعادة ما تكون مستقبلات الأدينوزين مسؤولة عن ذلك، إذ تتطور من أجل محاولة الحفاظ على التوازن. وردا على جرعة الكافيين الزائدة عن الحاجة، يتباطأ نشاط الدماغ بشكل كبير.
في مثل هذه الحالة، يُنصح بتجنب القهوة لمدة من الوقت، ليعود عدد مستقبلات الأدينوزين إلى طبيعتها في غضون يومين. ولا بد من مراقبة كمية القهوة المستهلكة، إذ يجب أن يكون الوقت الفاصل بين جرعة القهوة والأخرى خمس ساعات على الأقل.
إلى جانب الخمول والنعاس، يعد تسارع ضربات القلب وزيادة الضغط وارتعاش اليدين والصداع النصفي، من الآثار الجانبية لتناول جرعة زائدة من القهوة. كما تعتبر القهوة من المشروبات المدرة للبول.
2- اضطرابات في الكبد
أشارت الكاتبة إلى أن الكبد يعالج العديد من المواد (بما في ذلك الكافيين) مع الدم لتصل إلى أعضاء أخرى من الجسم بما في ذلك الدماغ. ولكن إذا كان عمل الكبد مضطربا، فإن معالجة هذه المواد تزداد سوءا. وبطبيعة الحال، سيؤثر الكافيين بشكل سلبي على الدماغ ويسبب النعاس.
3- الاضطرابات الهرمونية
يشير الشعور بالنعاس بعد شرب القهوة إلى وجود اختلال هرموني. تنشّط القهوة وظيفة الغدة الكظرية لإنتاج هرمون الأدرينالين. ولكن تناول جرعة زائدة من القهوة يبطئ عمل الغدد الكظرية التي تبدأ بإنتاج الأدرينالين ببطء، مما يؤدي إلى الشعور بالنعاس.
4- الإرهاق
إن شعور الشخص بالنعاس بعد احتساء القهوة يمكن تفسيره بأنه مجرد إرهاق أو إصابة بالإنفلونزا. في هذه الحالة، يكون الجهاز العصبي غير مستقر، مما يعني أن القهوة لن تساعد في إعادة شحن طاقتك، وإنما ستشعرك بالخمول والرغبة في النوم، لذلك من الأفضل الحصول على قسط من الراحة.
وذكرت الكاتبة أن هناك حلولا أخرى للشعور بالنشاط يمكننا الاستعاضة بها عن القهوة، مثلا يمكن شرب كوب من الماء الدافئ على معدة فارغة صباحا، مما يساعد الجسم على الاستيقاظ من النوم.
هل يؤثر الحليب على خصائص الكافيين؟
بينت الكاتبة أن الكافيين وبروتين الحليب يجعل عملية الهضم أبطأ، مما يعني أن المواد الفعالة في القهوة تصل إلى الدماغ متأخرة. وبناء على ذلك، لا ينبغي توقع تأثير تنشيط قوي من الكابتشينو، مثلا.
كم الحد الآمن؟
وعموما يعتبر حوالي أربعمئة مليغرام يوميا من الكافيين جرعة آمنة للبالغين الأصحاء، وهذا يعادل حوالي ثلاثة إلى أربعة أكواب من القهوة. ومحتوى الكافيين يعتمد على نوع القهوة ودرجة تحميصها. ولا ينبغي أن تتجاوز جرعة واحدة من الكافيين مئتي مليغرام، وفقا لمجلة شتيرن الألمانية.
وبينما أثبتت العديد من الاختبارات فوائد للقهوة، وأنها منشطة وتقلل مخاطر الموت المبكر والإصابة بأمراض القلب وقدرتها على مقاومة الاكتئاب، ومساعدتها في حرق الدهون بالجسم، يرى الخبراء أن ذلك يأتي فقط من خلال شرب القهوة باعتدال ودون مبالغة.