لقد كفلت كل القوانين الإنسانية والدولية وكذلك المحلية حق التظاهر مادام سلمياً، للمطالبة بتحسين الأوضاع أو بمحاسبة المسؤولين عن التقصير أو الفساد، أو لتراخيهم في تقديم الخدمات للمواطنين.
وفي عرف حكم العسكر، لا مجال للتعبير عن الرأي ولو بكلمة، فما بالك بالمظاهرات، فكم مرة شهدت المناطق التي يسيطر عليها العسكر على مدار السنين الماضية مظاهرات واحتجاجات قوبلت بسرعة بالاعتداء على المتظاهرين بالقوة التي استعملت فيها الأسلحة، وإطلاق النار على المتظاهرين.
ورغم قبضة وسلطة العسكر، خرجت احتجاجات ومظاهرات في عدد من أحياء مدينة سرت بين ميليشيات حفتر ومتظاهرين في المدينة، التي تسيطر عليها بالكامل ميليشيات حفتر وتفرض قبضتها عليها.
وبسرعة قوبلت المظاهرات سريعا بالقمع وإطلاق النار على المتظاهرين، مما تسبب في مقتل مواطن وإصابة 7 آخرين من مواطني مدينة سرت، وبالقبض على أكثر من 125 متظاهر، كما يمنع المظاهرات في مدن سرت وأجدابيا وبنغازي، ويقمع المظاهرات في الشرق عموماً.
منظمة رصد الجرائم الليبية أكدت، اليوم الأربعاء، مقتل مواطن وجرح آخرين واعتقال العشرات من المتظاهرين أثناء التظاهرة، نتيجة استخدام القوة المفرطة والرصاص الحي من قبل ميليشيات حفتر ضد متظاهرين بالمدينة.
وأشارت مصادر إخبارية إلى أن ميليشيات حفتر حاصرت أحياء بمدينة سرت، وشنت حملة مداهمات طالت أبناءها، مؤكدة سماع دوي إطلاق نار في أكثر من موقع في المدينة.
وشهدت مدينة القبة شرق البلاد تظاهرات من سكان البلدية تنديدا بالوضع المعيشي المتردي وانعدام الخدمات.
وأغلقوا بعض الطرقات بالحجارة رافعين شعارات منددة بحكومة الثني، وإقالة المجلس البلدي القبة، وتوفير السيولة والكهرباء والغاز، مطالبين بإجراء إصلاحات في قطاع الصحة المنهار، وإزالة القمامة المكدسة في البلدية، وفي الوقت الذي تقفل فيه ميليشيات حفتر النفط منذ شهر يناير الماضي، ويرتع المرتزقة في الهلال النفطي ومديني سرت والجفرة يعيش الليبيون أوضاعا معيشية صعبة، بسبب شح السيولة وأزمات الكهرباء، وانتشار فبروس كورونا في البلاد.
وفي تناقض واضح وصارخ، يظهر مدى حقيقة حكم العسكر، في أنه يمنع التظاهر والمطالبة بالحقوق، وبتصحيح الأوضاع المعيشية والحياتية، وفي نفس الوقت يدعم المظاهرات في المنطقة الغربية، ويحرض على المشاركة فيها بنفس المطالب.