تمر الولايات المتحدة منذ أربع سنوات بمعضلة تهدد جوهر الديمقراطية بوصول “دونالد ترمب” صاحب النزعة الديكتاتورية إلى كرسي الرئاسة.
تتمثل هذه المعضلة في تجاهل الرئيس للعمل المؤسساتي الذي ترتكز عليه الدولة – بشهادة العديد من المسؤولين الجمهوريين والديمقراطيين على حد سواء.
الانتخابات الرئاسية في أمريكا عامي 2016 و2020 هي انتخابات مختلفة تماما عن سابقاتها، وهي كما يقول الكثيرون هنا “أهم انتخابات في العصر الحالي”؛ لأنها تمس مستقبل الدولة الأمريكية برمتها.
يمكن للمتابع استخلاص العديد من الدروس المهمة من هاتين الدورتين الانتخابيتين. هنا بعض النقاط التي قد تفيد الناخب المصراتي في انتخابات المجلس البلدي:
– الانتخابات لا تعني بالضرورة اختيار الشخص الأمثل للمنصب: في كثير من الأحيان، يواجه الناخب مجموعة خيارات سيئة أو دون المستوى المطلوب. تصويتك لشخص أو قائمة لا تعني بالضرورة قناعتك أن هذا الشخص هو من يمثل تطلعاتك وآمالك.
أحيانا عليك أن تصوت للأقل سوءا من بين الخيارات. إذا كنت مقتنعا أن بعض المرشحين أسوء من غيرهم، من واجبك أن تمنع الأسوء من الوصول للمنصب.
بعبارات أخرى، تعامل مع المرشحين من منطلق اختيار أقل الضررين.
– مقاطعتك للانتخابات ليست حلا، بل بالعكس هي مساعدة للمرشح الأسوء.
ـ الأنظمة الانتخابية للأسف لا تحدد نسبة دنيا لصحة الانتخابات، بمعنى، مقاطعة نسبة كبيرة من الناخبين للانتخابات لا تلغيها قانونيا. بالتالي، أي صوت مقاطع هو صوت ضائع. مقاطعتك للتصويت تعني أن المرشح الجيد خسر صوتا؛ المرشح السيئ في المقابل لم يخسر شيئا لأنك ما كنت لتصوّت له أساسًا. هذا ما حدث مع طائفة لا بأس بها، خصوصا من الشباب التقدميين من أنصار السيناتور بيرني ساندرز في عام 2016، وهو ما يحاول الديمقراطيين منع تكراره هذه السنة.
– العملية الديمقراطية لا تنتهي بالانتخابات. من المهم أن تستمر كمواطن في الضغط على المجلس البلدي بعد الانتخابات. في الوقت الحالي، قد يكون هذا الضغط متمثلا في منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي. لا تتوقف عن انتقاد عمل المجلس وعن انتقاد أعضائه ما لم يحققوا كل الوعود التي أطلقوها خلال الحملة الانتخابية.
– تفطن للوعود الخيالية. الكثير من المرشحين يطلقون وعودا لا يمكن تنفيذها عمليا لأسباب مختلفة. المرشح أحيانا يستغل الحملة الانتخابية لرسم صورة خيالية وإيهام المواطن الناخب بحياة وردية سيعيشها فور نجاح المرشح. لا تصدقوا هذه الوعود. الكثير مما تحدث عنه ترمب خلال حملته لم ولن يتحقق. الأمر كذلك لدينا.
– صوّت للمصلحة العامة. دع مصالحك الخاصة وعلاقاتك الشخصية بالمرشحين جانبًا وصوّت لمن له القدرة الفعلية على خدمة المدينة وخدمة الصالح العام. قبل أيام، ظهر جون كيسيك، وهو مرشح رئاسي جمهوري سابق، في مؤتمر الحزب الديمقراطي وأعلن دعمه لجو بايدن هذه السنة، رغم قناعته بمبادئ الحزب الجمهوري واستمرار عضويته، إلا أنه أدرك – حسب قوله – خطر ترمب على البلاد، وبالتالي فإن البلد أهم من الحزب، كما قال.
هذه بعض الدروس التي ارتأيت مشاركتها معكم، لعلها تفيد أحدا. والله ولي التوفيق