في مشهد بات معروفا لكل ذي لب ويهدف إلى إحداث ضجة إعلامية لرسم نوع من الدعاية لامتلاك القوة والنفوذ يستخدمها كل من يخسر المعارك على الأرض ـ زار خليفة حفتر مليشيا طارق بن زياد “المدخلية”.
زيارة حفتر هذه إلى إحدى أكبر كتائب جيشه المزعوم التي تنتمي إلى التيار المدخلي المدعوم من السعودية تجعل حديثه عن محاربة الإرهاب والدواعش أمرا غير مقبول، وذلك لاعتماده بالأساس على كتائب ذات أيديولوجية متشددة ومتهمة بارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
مليشيات “مدخلية”
المليشيات المسلحة “المدخلية” بدأت منذ 2014 بالانضمام إلى جيش حفتر المزعوم، ومثلت “كتيبة طارق بن زياد” التي يهيمن عليها المداخلة رقما مهما في جيش حفتر المزعوم، وشاركت هذه الكتيبة في معارك استيلاء حفتر على الجنوب وكذلك العدوان على طرابلس.
وتحظى هذه الكتيبة بدعم خاص بالأسلحة والذخائر والعربات والآليات؛ لولائها التام لحفتر وأبنائه، خاصة المدعو صدام حفتر المتهم بعملية قتل وسطو على مصرف خاص بطرابلس في 2012.
كما تشكل العديد من الكتائب السلفية “المدخلية” الثقل الأكبر في مليشات حفتر، منها كتيبة الوادي السلفية القادمة من صبراتة غرب طرابلس، والكتيبة 210 السلفية، وكتيبة سبل السلام في الكفرة التي تشرف على الحدود الليبية مع السودان، وكتيبة 604 التي سهّلت لحفتر مهمة الاستيلاء على مدينة سرت.
إدانات دولية
لجنة خبراء الأمم المتحدة بشأن ليبيا اتهمت، في يونيو 2017، أعضاء من “كتيبة التوحيد” التي تأسست في بنغازي في المراحل الأولى من عملية الكرامة، ومجموعة أخرى بقيادة “أشرف الميار” تعرف باسم كتيبة السلفية ـ بعمليات ضرب وتعذيب تجري في “قسم خاص” من سجن قرنادة في شحات.
ويُعدّ “محمود الورفلي”، قائد الإعدامات المطلوب لمحكمة الجنايات الدولية، و”قجة الفاخري” المتهم الأول بمجزرة الأبيار التي أودت بحياة 34 مدنياً في أكتوبر 2018 من أبرز القيادات السلفية المنضمة لحفتر.
دعم سعودي
صحيفة “فايننشال تايمز” قالت، إن خليفة حفتر اعتمد في حربه التي كان يستهدف منها السيطرة على طرابلس، على مقاتلين “سلفيين” يحظون بدعم سعودي.
وذكرت الصحيفة البريطانية أن حفتر الذي يقدّم نفسه على أنه معارض شرس للإسلاميين يعتمد، في الواقع، في جيشه على كتائب السلفيين المدعومين من السعودية.
كما أفادت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، من جانبها، أن السعودية قدمت مساعدات بملايين الدولارات لحفتر لتنفيذ هجومه على العاصمة طرابلس في 4 أبريل من العام الماضي.
وذكرت الصحيفة أن زيارة حفتر للسعودية في مارس من العام الماضي التي التقى خلالها الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده محمد بن سلمان ـ كانت لهذا الغرض.
فتاوى محرضة على العنف
الدعم السعودي لحفتر لم يقتصر على المال بل سبقه دعم من نوع آخر، فقد أصدر مؤسس التيار “ربيع المدخلي” طوال السنوات الماضية بدءا من 2015 عددا من الفتاوى المتعلقة بالوضع الليبي من السعودية.
وتركزت معظم هذه الفتاوى على محاربة الأعداء الأيديولوجيين لفكره، حيث دعا المدخلي بوضوح جميع السلفيين إلى القتال مع حفتر وتأييده؛ لأنه “سيطبق شرع الله” مع إلصاق وصف “الخوارج” بكل من يقف ضد حفتر ومشروعه المدعوم من الامارت والسعودية ومصر.
وفي مطلع 2017 زار أسامة العتيبي، وهو شيخ مدخلي سعودي من تلاميذ ربيع، ليبيا بدعوة ممّا يُعرف بـ “القيادة العامة” وألقى الخطب والدروس من أجل حشد التأييد لحفتر.
سيطرة على المساجد
وفي السياق ذاته، هيمن أتباع التيار “المدخلي” في ليبيا على مكاتب الهيئة العامة للأوقاف والشؤون الدينية الواقعة ضمن مناطق سيطرة حفتر في الشرق والجنوب، كما بسطوا سيطرتهم على ما يعرف باللجنة العليا للإفتاء التابعة للهيئة في المنطقة الشرقية.
لجنة الإفتاء تلك التي لطالما أصدرت عدة فتاوى تتعلق بالقتال الحاصل في ليبيا، وحثت الناس على القتال مع مليشيات حفتر ضد قوات الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا الذين تصفهم بـ “الخوارج“، كما طلبت هذه اللجنة صراحةً ممّا يعرف بـ “القيادة العامة ورئاسة أركانها السماح للجنود بإطالة لحاهم وهو ما كان محظورا في الجيش الليبي سابقا.
rolex explorer replica