برز في الآونة الأخيرة تناقض موسكو في التعامل مع الأزمة الليبية، فهي تتنصل من حفتر وتتراجع عن خيار الحل العسكري في العلن، وتدعو إلى الحوار الليبي الليبي، وتدعم المجهود العسكري المتمثل في مرتزقة الفاغنر اليد الطولى لروسيا في ليبيا.
ففي وقت سابق أكد الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” أن عددا كبيرا من المرتزقة من أنحاء عدة ينشطون في منطقة النزاع بليبيا، وأنه حتى إذا كان بينهم مواطنون روس، فإنهم لا يمثلون دولة روسيا، ولا يتقاضون أموالا منها، ولا تربطها بهم أي صلة.
نفى المشاركة
تصريحات “بوتين” حاول تعزيزها المتحدث باسم الرئاسة الروسية “دميتري بيسكوف”، الذي نفى هو الآخر مشاركة الجيش الروسي بأي شكل من الأشكال في ليبيا، مضيفا أنهم ليس لديهم علم حتى بوجود مواطنين روس يشاركون في العمليات هناك.
بينما حاول وزير الخارجية الروسي “سيرغي لافروف” إظهار دبلوماسية بلاده خلال زيارته الأخيرة إلى الجزائر، وأكد أن موسكو لم تراهن على أي طرف من أطراف الصراع الليبي، بل كانت، ولا تزال على تواصل مع تلك الأطراف جميعا؛ من أجل مساعدتها في التوصل إلى تسوية.
نية للهجوم
في ظل نفي روسيا مشاركة مواطنيها بأي شكل من الأشكال في الحرب في ليبيا، واستمرار تأكيدها أنها لم ترسل مرتزقة روسا؛ للقتال في صفوف ميليشيات حفتر.
القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا “الإفريكوم” كشفت الجمعة، عن مواصلة روسيا ومرتزقة “فاغنر” المشاركة في العمليات البرية والجوية في ليبيا، مشيرة إلى أن حجم المعدات الروسية للفاغنر يدل على وجود نية لتعزيز قدراتها القتالية الهجومية.
وكشفت الأفريكوم عن صور جوية تُظهر تمركزات المرتزقة “فاغنر” ومعداتهم في الخطوط الأمامية في سرت، مبينة أن طائرات شحن عسكرية روسية تواصل تزويد الفاغنر بمعدات دفاع جوي ومدرعات مقاومة للألغام.
وفي وقت سابق أفادت الأفريكوم أن لديها أدلة على تورط مرتزقة “فاغنر” في زرع أفخاخ متفجرة وحقول ألغام عشوائية في ضواحي طرابلس وسرت، وأن عدد “الفاغنر” بلغ 2000 فرد في ليبيا، وأن إدخالهم الألغام الأرضية والأفخاخ المتفجرة والطائرات الهجومية سيُغيّر طبيعة النزاع الحالي.
وبينت “الأفريكوم” أن “الفاغنر” تُعقّد جهود وقف إطلاق النار في ليبيا، وأن روسيا قادرة على إيقافها، لكنها لا تريد ذلك، مشيرة إلى أن “الفاغنر” التي ترعاها الدولة الروسية تجاهلت تماما سلامة وأمن الليبيين، وأن التكتيكات غير المسؤولة التي تنتهجها تُطيل أمد الصراع.
اتفاق روسي تركي
بيان الأفريكوم يعتبر منافيا لبيان الخارجية الروسية، الأربعاء الماضي، الذي أعلنت فيه أنها اتفقت مع تركيا على النظر في إنشاء مجموعة عمل مشتركة بين البلدين بشأن ليبيا، وعقد مشاورات في موسكو قريباً.
وقالت وزارة الخارجية التركية، إن محادثات أجرتها مع الجانب الروسي جددت التأكيد أن لا حل للأزمة الليبية عسكري، ومن جهتها أكدت وزارة الخارجية الروسية اتفاقها مع الجانب التركي على مواصلة الجهود؛ لتهيئة الظروف لوقف إطلاق النار في ليبيا، وعلى حوار سياسي ليبي، وفقا لقرارات مؤتمر برلين.
وفي ظل هذه اللقاءات والتأكيد في العلن على الخيار السياسي تظل روسيا من أهم داعمي حفتر في الخيار العسكري، وتواصل التحشيد؛ لاستمرار الفوضى وزعزعة الأمن والاستقرار، فلا يخفى على أحد جثة المرتزق من مجموعة “فاغنر”، ومنظومات الدفاع الجوية الروسية “بانتسير” التي دمر الجيش الليبي عددا كبيرا منها.