تحدث عضو مجلس النواب عن مدينة ترهونة أبوبكر سعيد عن الوضع العام بالمدينة وما يواجهها من تحديات ومعوقات.
وكشف سعيد، في مقابلة خاصة مع الرائد، أن المجلس يعمل حاليًا من خلال لجنة مُشكلة على إعداد مبادرة سياسية شاملة تتضمن رؤيته وأهدافه ومقترحاته لحل الأزمة السياسية وإنهاء الانقسام المؤسساتي، مشيرا إلى أن مبادرة عقيلة صالح لم تأتِ بجديد، وأن أغلب النقاط الواردة بها موجودة ضمنياً في الاتفاق السياسي الليبي الموقع في الصخيرات.
فإلى نص الحوار:
– بصفتك نائبا عن مدينة ترهونة، كيف ترى حال المدينة الآن بعد تحريرها من مليشيات حفتر؟ وما أبرز التحديات التي تواجهها، خاصة بعد الحرب؟
أحوال المدينة مستقرة بصورة عامة، وهناك عدة تحديات تحتاج إلى تضافر الجهود للتغلب عليها وإعادة الحياة لطبيعتها.
أبرز التحديات عدم توفر المتطلبات الأساسية للمواطن من وقود وغاز طهي وسيولة نقدية، ونقص الإمداد الطبي، ونهب أغلب المعدات والآليات والشاحنات التابعة للمؤسسات والأجهزة التنفيذية.
– عُثر في ترهونة على مقابر جماعية عديدة خلفتها مليشيات حفتر وراءها عقب فرارها، ما دور مجلس النواب في توثيق هذه الجرائم ومحاسبة مرتكبيها؟ وهل هناك معلومات جديدة عن هذه المقابر وهوية الجثث المعثور عليها؟
نعم صحيح، هذا أحد التحديات التي تواجه الدولة وليس ترهونة وحدها، فما كُشف من مقابر جماعية كارثة وسابقة خطرة، وعلى المؤسسات والشرفاء إدانتها وبذل الجهود للكشف عنها وتحديد هوية الضحايا ومعاقبة من يقف وراء مقتلهم.
أمّا دور مجلس النواب في هذا الملف، فهو ـ كما يعلم الجميع ـ دور رقابي تشريعي، والتحقيق والمحاسبة والتوثيق لمثل هذه الجرائم مسؤولية السلطة التنفيذية “حكومة الوفاق” والسلطة القضائية، والمجلس مستمر في دوره الرقابي ويتابع بكل جدية مع الجهات ذات العلاقة.
وفي هذا السياق توجه الخميس الماضي فريق لجنة حقوق الانسان رفقة بعض مؤسسات المجتمع المدني إلى ترهونة ووقفوا على المقابر واجتمعوا مع أهالي الضحايا واستمعوا لمأساتهم ومعاناتهم.
– لماذا لم يقدّم مجلس النواب مبادرة سياسية مثلما فعل المجلس الرئاسي والمجلس الأعلى للدولة؟
المجلس يعمل حاليًا من خلال لجنة مُشكلة على إعداد مبادرة شاملة تتضمن رؤية المجلس وأهدافه ومقترحاته لحل الأزمة السياسية وإنهاء الانقسام المؤسساتي.
هذه المبادرة التي نتوقع خروجها للنور قريباً، بُنيت على ما جُمع من مبادرات عديدة وآراء ومقترحات مقدّمة من أطراف عدة، كمبادرة رئيس المجلس الرئاسي ومجلس الدولة ومبادرات دولية أخرى.
– مجلس النواب في طرابلس استدعى في عدة جلسات رؤساءَ أجهزة رقابية، منها ديوان المحاسبة الذي كشف عن فساد الشركة العامة للكهرباء، ما الإجراءات التي اتخذتموها في هذا الصدد؟
بالفعل، اِستمع المجلس لإحاطة رئيس جهاز ديوان المحاسبة الذي تطرّق لجملة من القضايا والمشاكل التي تواجه عدة قطاعات من بينها الكهرباء والصحة، وبناء على ذلك قرر المجلس استدعاء المسؤولين بالشركة العامة للكهرباء ووزارة الصحة للاستماع إليهم، واتُّفق على أن تكون جلسة الاثنين 13 يوليو مخصّصة للاستماع لهذين القطاعين ونتوقع أن تُذاع الجلسة على الهواء مباشرة.
– ما رأيك في المبادرة التي قدمها عقيلة صالح؟ وكيف ترى حالة الجمود السياسي التي نعيشها الآن بعد تطهير المنطقة الغربية من مليشيات حفتر؟
لم تأتِ مبادرة عقيلة صالح بجديد، فأغلب النقاط الواردة بها موجودة ضمنياً في الاتفاق السياسي الليبي الموقع في 17 ديسمبر 2015م بمدينة الصخيرات المغربية وكذلك التفاهمات التي توصل إليها مجلس النواب مع مجلس الدولة خلال جلسات الحوار السابقة خاصة آلية اختيار السلطة التنفيذية.
الأسئلة التي يجب أن تُطرح اليوم هي: لماذا خرجت هذه المبادرة الآن؟ ولماذا تأخرت طيلة السنوات الماضية؟ ولماذا راهن بعض النواب ومن بينهم النائب عقيلة على الحل العسكري؟ ولماذا رفضوا الحوار السياسي وتجاهلوا النصائح التي كانت تنادي بضرورة الجلوس على طاولة المفاوضات وأن الحل لن يكون إلا سياسيا وسلميا ووفقا للاتفاق السياسي الليبي ولا بأس من تعديله إن لزم الأمر وفقاً للآلية المنصوص عليها بالاتفاقية نفسها؟
– خسائر الموانئ النفطية والحقول فاقت 6 مليارات دولار أمريكي، وبعد دخول المرتزقة خاصة الروس للحقول النفطية، ما دور المجلس في حل هذه الأزمة؟ وما الحلول المقترحة لمعالجة الوضع الاقتصادي الحالي؟
يا للأسف! ما يحدث لمقدرات الدولة بصفة عامة ومن بينها إيقاف تصدير النفط ـ قمةُ العبث وعدم المسؤولية ويُعَدّ كارثة تاريخية، وما خسرته الدولة ليس 6 مليارات دولار أو يزيد فحسب بل هناك خسائر أخرى أكثر ضرراً على المدى البعيد.
هل يعلم من أَمَر بقفل صادرات النفط كم تحمّل المواطن الليبي من أعباء مالية ومعاناة خلال السنوات الماضية؛ بسبب تغيّر سعر الصرف نتيجة القفل المتكرر لصادرات النفط المَوْرد الرئيسي للميزانية العامة، وكيف أثّر ذلك في المواد الأساسية وزاد أسعارها؟
وهل يعلم من أغلق الموانئ وأقفل الآبار وخطوط النقل المشاكل الفنية المترتبة على ذلك؟ وكم تحتاج من وقت وأموال لعودة الإنتاج والتصدير لمستوياته السابقة من جديد؟ وهل يعلمون ما ستخسره الدولة بسبب تردي سمعة النفط الليبي، والتعويضات والقضايا التي قد تُرفع ضد الدولة الليبية ومؤسساتها؟
أما فيما يتعلق المرتزقة فإن مجلس النواب من خلال لجانه المتخصصة يُتابع هذه المسألة، ولا يمكن القبول بسيطرة أي طرف أجنبي على مقدرات الشعب الليبي، وقد استبشرنا خيراً باستئناف صادرات النفط، ونتمنى من الجميع الاستفادة من دروس الماضي وعدم تعريض مقدّرات الشعب الليبي للخطر مجددا.
-ما رأيك في أداء اللجان العلمية والاستشارية المختصة بمجابهة كورونا، خاصة بعد تفاقم الوضع الوبائي في البلاد؟
-هذا الملف من اختصاص لجنة الصحة فهي المسؤولة عن مُتابعة عمل اللجنة العليا لمجابهة الجائحة واللجنة العلمية، وقد قدمت اللجنة تقارير عدة للمجلس حول متابعتها للجائحة.
-هناك جهود تبذل لمكافحة الوباء للتقليل من أعداد المصابين، خاصة في الشهور الأولى، وقد ارتفعت أعداد الإصابات في الآونة الأخيرة لأسباب مختلفة، ومع ذلك ما زال الوضع ليس بذلك السوء مقارنة بما حدث في دول أخرى.
ما نطالب به اليوم أكثر من أي وقت مضى هو تكثيف التعاون والتنسيق بين الجهات المختلفة، ونشر الوعي المجتمعي والتنبيه لخطورة هذا الوباء، ونُصح الناس بأهمية التقيد بالتوجيهات والتعليمات التي تصدر عن جهات الاختصاص.
– بصفتك رئيسا للجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، كيف تعاملت مع ملف المرتزقة في ليبيا؟
– وجود المرتزقة الأجانب في ليبيا أمر غير مقبول ومستنكر ويمس السيادة الوطنية، وهذه المسألة تتعلّق بالجميع ومِن مسؤولية كافة الجهات ذات العلاقة.
لجنة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي التي أترأّسها تُنسّق مباشرة مع وزارة الخارجية في هذا الموضوع، وتتابع ما يصدر من تصريحات ولقاءات، ونعمل مع الحكومة لتوضيح موقف الدولة الليبية والتنبيه على مخاطر وجود أي مرتزقة أجانب على أي جزء من الأراضي الليبية.
قرابة عام مرّ على اختفاء زميلتكم سهام سرقيوة، ما آخر المعلومات المتوفرة لديكم حولها؟
خطف الزميلة عضو مجلس النواب عن مدينة بنغازي سهام سرقيوة حدث إجرامي، وسيبقى وصمة عار على من قام بهذا الفعل الشنيع، وعلى الرغم من مرور عام على اختفائها إلا أن الأخبار ما زالت متضاربة؛ فلا تأكيد حتى اللحظة لحقيقة مصيرها.
وفي هذه المناسبة أطالب من خلال شبكتكم الإعلامية، الجهات الأمنية المسؤولة في بنغازي بالإفصاح عن نتائج التحقيقات والتعاطي بإيجابية مع المناشدات المحلية والدولية للكشف عن تفاصيل الحادثة.
-كم عدد النواب الموجودين في طرابلس الآن؟ وهل هناك اتصال بالنواب المقاطعين؟
-عدد الأعضاء الموجودين في طرابلس تجاوز الـ70 عضوًا من جميع مناطق ليبيا، وهناك جهود تُبذل لرأب الصدع ولمّ شمل المجلس، ولم تنقطع الاتصالات والاجتماعات مع أغلب الأعضاء المقاطعين.
يتهم البعض مجلس النواب في طرابلس بأنه غير فعّال على مستوى المجتمع الدولي الذي ما زال يضع عقيلة صالح ممثلا وحيدا للمجلس، ما رأيك في ذلك؟
هذا السؤال مهم جدا، ومخطئ من يعتقد أن الأزمة في البرلمان حدثت بعد العدوان على العاصمة طرابلس، فالأزمة والانقسام غير المعلن بدأ منذ مدة طويلة، وتحديدا في نهاية 2015 عندما سيطرت أقلية بسيطة على المجلس ومنعت الأغلبية من ممارسة حقها الدستوري والقانوني في إصدار القوانين والقرارات التي ترى أنها لصالح الشعب والبلاد ومعالجة أزماته وتوحيد مؤسساته السيادية.
والحرب على العاصمة في 4 أبريل 2019 قبل أيام من لقاء غدامس والانقلاب على الشرعية ـ أطلقت، ويا للأسف!، رصاصة الرحمة على وحدة مجلس النواب الليبي، وأكاد أجزم أن كل أعضاء مجلس النواب لا يعلمون بهذه الحرب ووجدوا أنفسهم في موقف لا يحسدون عليه.
كيف لمجلس صوّت قبل شهر من العدوان وقرر المضي في الحوار والمشاركة في لقاء غدامس الذي كانت أحد مخرجاته المتوقعة التوافق على تشكيل حكومة وحدة وطنية ـ أن يقبل بحرب مدمرة على عاصمة البلاد؟!
نعم هذه الحرب الظالمة أيدها ودعمها قلة قليلة، أما باقي أعضاء المجلس دون استثناء فقد رفضوا الحرب منذ البداية، وأغلبهم جاهروا بمواقفهم وخرجوا ببيانات رسمية تدين وتستنكر هذه الحرب وتعتبرها غير شرعية واستمروا على مبدئهم حتى تحقق النصر ودُحر العدوان.