ما زالت تبعات العثور على مقابر جماعية في ترهونة ومناطق جنوب طرابلس بعد تحريرها من مليشيات حفتر ـ مستمرةً؛ فما إن تنتهي الفرق من انتشال جثث مقبرة حتى يأتي البلاغ عن اكتشاف أخرى.
وفي تسارع للأحداث، أعلن الهلال الأحمر اكتشافه حتى الآن ما يزيد على 8 مقابر جماعية، من بين القتلى فيها أطفال ونساء مكبلو الأيادي، ناهيك عن 106 جثث عُثر عليها داخل مستشفى ترهونة.
توثيق وأوامر قبض
مكتب النائب العام أصدر، في 15 يونيو، 20 أمر قبض محليا ودوليا بحق عدد من مرتكبي الجرائم، من بينهم قادة من مليشيات الكاني المسؤولة عن كل الانتهاكات في مدينة ترهونة.
وأفاد الهلال أن إدارة البحث قسمت المقابر التي سيُنطلق منها لاستخراج الجثث؛ من أجل التعرف على أصحابها، وتحديد نقطة الصفر التي سينطلق منها فريق البحث للتعرف على المفقودين.
بعثة تحقيق دولي
وعلى الصعيد الدولي، أعلن مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، إصداره قرارًا يطالب بتشكيل فريق خبراء وإرسال بعثة تحقيق إلى ليبيا لتوثيق التجاوزات والانتهاكات التي شهدتها البلاد منذ عام 2016.
وأوضح المجلس، الاثينن، أنه سيُكلف فريق الخبراء في هذه اللجنة لمدة عام بتوثيق مزاعم وقوع تجاوزات للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، ارتكبتها جميع الأطراف في ليبيا منذ مطلع عام 2016.
ويطلب القرار من فريق الخبراء أن يقدموا تقريرًا شفويًّا عن عملهم خلال الدورة الخامسة والأربعين لمجلس حقوق الإنسان التي يفترض أن تعقد في سبتمبر القادم، يليه تقرير كامل خلال الدورة التالية المقررة في مارس المقبل.
العدل ترحب وتؤكد تعاونها
ومن جانبها، رحبت وزارة العدل بموافقة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة على استحداث بعثة لتقصي الحقائق والتحقيق في الأحداث التي شهدتها ليبيا منذ عام 2016، مؤكدة أنها على استعداد للتعاون مع البعثة الأممية الجديدة.
توسيع التحقيقات
من جانبها، أكدت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية “فاتو بنسودا”، أن المحكمة الدولية مستعدة للتحرك بعد العثور على مقابر جماعية في ليبيا.
وشددت “بنسودا”، في كلمة لها، أن المحكمة الجنائية الدولية “لن تتردد” في توسيع تحقيقاتها لتشمل جرائم جديدة بعد العثور مؤخرا على مقابر جماعية في مدينة ترهونة غرب ليبيا.
وأشارت “بنسودا” إلى أن مصدرا موثوقا أبلغ مكتبها بوجود 11 مقبرة جماعية مفترضة تضم جثث رجال ونساء وأطفال.
كما أكدت بنسودا أن الأمر قد يتعلق بوجود أدلة على ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، مطالبة السلطات الليبية بمباشرة العمل على حماية مواقع المقابر الجماعية من العبث.
ومع الزخم الكبير الذي يلاقيه ملف المقابر الجماعية في ترهونة، ومحاولة الحكومة تحشيد الرأي العالمي لمحاسبة مرتكبي هذه الجرائم ـ يبقى الأمر مرهونا بمدى جدية السلطات المحلية في تنفيذ هذا الأمر وتقديم مرتكبي هذه الجرائم للعدالة لمحاسبتهم.