لاقى خطاب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أمام حشد عسكري من الجيش المصري أمس استنكارا رسميا وشعبيا كبيرين، حيث أعلن السيسي نيته التدخل العسكري في ليبيا والعمل على تدريب وتسليح ميليشيات؛ لغرض التمرد على السلطة الشرعية للدولة الليبية والمتمثلة في حكومة الوفاق.
وبعد تورية الأهداف الحقيقة لدعم السيسي لميلشيات حفتر منذ 2014 وحتى عدوانه على طرابلس في 2019 وإلى حد هذه اللحظة عرف أمس السبب الحقيقي من ذلك كله ألا وهو التدخل العسكري المباشر في ليبيا، والاستحواذ على ثرواتها ومقدرتها
هزيمة حفتر أوجعت السيسي
وبعيد فرار ميليشيات حفتر وتراجعه أكثر من 500 كيلومتر باتجاه بنغازي بعد محاولة السيطرة على العاصمة طرابلس دامت أكثر من عام منذ أبريل 2019 ومع إعلان حكومة الوفاق عزمها بسط سيطرتها على كامل التراب الليبي باعتبارها الحكومة الشرعية والمعترف بها من مجلس الأمن.
أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أثناء كلمته أمام حشد عسكري لقواته أن أي تدخل مباشر في الشأن الليبي بات تتوفر له الشرعية الدولية، وأن أي تقدم لقوات الجيش شرقا يمثل تهديدا لمصالح مصر وحدودها الغربية وأمنها القومي، محددا مدينتي سرت والجفرة خطا أحمر، وكأنه يتحدث عن محافظة من محافظات مصر.
التخلي عن حفتر
وكما فعلت الإمارات في تخليها عن حفتر عبر ما غرد به وزير الدولة للشؤن الخارجية أنور قرقاش بأن حفتر اتخذ إجراءات أحادية أدت إلى خسارته، ها هو السيسي أيضا يتخلى عن حفتر وميليشياته، متجاهلا ذكره في خطابه بعكس ما كان يفعل في السابق.
واوضح السيسي أن أي تدخل لجيشه سيكون بمباركة من وصفها بالسلطة الشرعية المنتخبة الوحيدة في ليبيا وهي مجلس النواب في إشارة الى عقيلة صالح الذي سبق وأن طالب بالتدخل المصري علانية من تحت قبة البرلمان المصري.
شقائق العدوان
ومثلما شاركت الإمارات بالدرجة الأولى في دعم ميليشيات حفتر وتمويل عدوانه على طرابلس وكذلك السعودية عبر تمويلها لمرتزقة فاغنر ومباركتها لاجتياح طرابلس…سارعت هاتان الدولتان إضافة إلى البحرين بتأييدها لما قاله السيسي من إعلان الحرب على ليبيا، حيث جاء في بيان وزارة الخارجية السعودية أن المملكة تقف إلى جانب مصر في حقها في الدفاع عن حدودها وشعبها، بينما قالت وزارة الخارجية في الإمارات الشيء نفسه في بيان لها بالخصوص.
إعلان القاهرة ولد ميتا
وبينما رفضت حكومة الوفاق الوطني ما عرف بإعلان القاهرة وكذلك تركيا الحليف القوي للوفاق ولم ترعه الدول الكبرى أي اهتمام، مذكرة دوما بمخرجات مؤتمر برلين، وخطة الأمم المتحدة للسلام في ليبيا.
جدد السيسي الحديث عن مبادرة إعلان القاهرةـ وقال بأنه جاء متسقا مع المقررات الدولية ومؤتمر برلين، ومطالبا بالوقف الفوري للنار على الخطوط التي تتواجد عليها الأطراف في الوقت الحالي، وهو الذي استقبل حفتر مرتين في قصر الاتحادية في القاهرة مع انطلاق العدوان على طرابلس في أبريل من العام الماضي في إشارة واضحة لدعمه هذا العدوان من الأساس.
تغيير ديموغرافي
واستجلاء لما قاله خليفة حفتر سابقا في لقائه مع بعض أعيان القبائل بالمنطقة الشرقية أنه يعتزم استجلاب 10 ملايين شخص؛ من أجل المساهمة في إعمار ليبيا وازدهارها،حسب قوله.
أبان السيسي عن مضمون خطاب حفتر السابق فقال في كلمته “نحن نريد أن نسلح وندرب أبناء القبائل سواء من الموجودين في مصر أو في المنطقة الشرقية قاصدا القبائل المصرية ذا الأصول من الصحراء الغربية والمعروفين في ليبيا باسم “الصاد الشين” الذين يطالبون بحق المواطنة والجنسية الليبية.
وتابع السيسي قوله إنه عندما يحين الوقت سيأمر قواته بالتقدم باتجاه الحدود الليبية وبمساندة ودعم “شيوخ القبائل” مشيرا إلى أمله في أن يتحرك الشعب الليبي، ويطالب بالتدخل المصري حتى تكون هذه إشارة للعالم.
إلا أن حكومة الوفاق لا زالت مصرة على التقدم نحو سرت والجفرة كمرحلة أولية وتطهيرها من مرتزقة حفتر الدين يحتلون هذه المدن، ويزرعون الألغام فيها؛ تمهيدا للمعركة الكبرى على الهلال النفطي مصدر رزق الليبيين ومطمع السيسي الأول.