المقابر الجماعية التي عثرت عليها قوات الجيش الليبي في مدينة ترهونة والمناطق التي كانت خاضعة لسيطرة مليشيات حفتر ـ أمرٌ لا يمكن تجاهله أو غض الطرف عنه، فبشاعة ووحشية هذه الجرائم تفوق الوصف وتتجاوز كل الأخلاق الإنسانية والدينية.
فمنذ إعلان العثور على هذه المقابر واكتشاف ما تحتويه من جثث لنساء وأطفال ـ تحركت العديد من دول العالم والمنظمات الحقوقية والإنسانية لإدانة هذه الجرائم، وطالبت بفتح تحقيق وتقديم المتورطين إلى العدالة، من بينها الولايات المتحدة وإيطاليا والاتحاد الأوروبي وبريطانيا، في حين تجاهلت فرنسا وروسيا هذه الجرائم التي قد تكون ضالعة في ارتكابها بدعمها لحفتر.
فتح تحقيق مستقل
طالبت وزارة الخارجية الإيطالية بفتح تحقيق مستقل وشفاف بشأن المقابر الجماعية، وتحديد المسؤولين عن هذه الجريمة ومعاقبتهم.
ودعت الخارجية الإيطالية، في بيان لها، جميع الأطراف المتصارعة في ليبيا إلى الاحترام الكامل لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، معربةً عن صدمتها بعد العثور على العديد من المقابر الجماعية في مدينة ترهونة.
بريطانيا تدعم التحقيق
ومن جانبه، أدانت بريطانيا على لسان وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا “جيمس كليفرلي”، المقابر الجماعية التي اكتشفت في مدينة ترهونة عقب تحريرها من المليشيات المعتدية.
وأكد “كليفرلي”، خلال اتصال هاتفي برئيس المجلس الرئاسي فائز السراج، أن بلاده تدعم التحقيقات التي تجريها السلطات المختصة بحكومة الوفاق في هذه الانتهاكات “المرعبة”، بحسب الصفحة الرسمية لحكومة الوفاق.
أمريكا: “انتهاكات لا تطاق”
وأبدت الولايات المتحدة الأمريكية تخوفها من تزايد عدد المقابر الجماعية المكتشفة في مدينة ترهونة بعد تحريرها من مليشيات حفتر الإرهابية.
وأكدت سفارة الولايات المتحدة في ليبيا، في تغريدة لها عبر تويتر، دعمها للجهود التي تبذلها حكومة الوفاق الوطني والهيئات الدولية للتحقيق في هذه الانتهاكات “التي لا تطاق”، وفق وصفها، مطالبة بتقديم الجناة إلى العدالة.
وجاء تخوف السفارة الأمريكية عقب إعلان بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عن قلقها الشديد مما سمته التقارير المروعة، عن اكتشاف ثماني مقابر جماعية على الأقل خلال الأيام الماضية، معظمها داخل مدينة ترهونة.
ومع ردود الفعل الكبيرة التي ينبغي أن تحدثها قضية المقابر الجماعية المكتشفة في ترهونة ومناطق أخرى كانت تحت سيطرة مليشيات حفتر، والجرائم التي تجاوزت حدود الإنسانية والدين ـ تلتزم بعض الدول الصمت وتتجاهل هذه الجريمة الكبرى، في حين أنها تتدخل في الشأن الليبي وتنقد وتدعم وتحقق في أي شي إلا اكتشاف هده المقابر وأي شيء يدين حفتر ومليشياته.
فرنسا تركت المقابر وانشغلت بتركيا
تتدخل فرنسا في الشأن الليبي وتقدم الدعم لحفتر دون توقف، وتضع مصلحتها فوق كل اعتبار حتى إن كان الأمر يتعلق بجرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة جماعية كالتي كشف عنها في مناطق سيطرة من راهنت عليه في المشهد الليبي.
وتصب فرنسا تركيزها على الدور التركي الذي أحدث توازنا في الجانب العسكري في ليبيا، وتطالب بوقف التدخل التركي الإيجابي لمساندة حكومة الوفاق، وتتجاهل ذكر المقابر الجماعية بعبارات إدانة أو استنكار أو صدمة وقلق كباقي الدول.
روسيا تبحث عن حل وتتجاهل الجرائم
روسيا لا تختلف عن فرنسا فهي الداعم العسكري الأول لحفتر، لا تهتم ولم تهتم في القضية الليبية إلا بدعم حفتر وتحقيق مصالحها التي تأتي على حساب الشعب الليبي، فتجاهلت الحديث عن المقابر الجماعية واستمرت في محاولاتها لإبقاء حفتر في المشهد السياسي في ليبيا غيرَ مهتمه بالجانب الإنساني والأخلاقي الذي أظهرته مليشيات حفتر بارتكابها لجرائم ضد الإنسانية تُظهر بوضوح وصدق أنه لا يمكن لمن ارتكبها أن يكون جيش دولة، وتتجاهل هدا الفعل الشنيع وكأنه لم يكن.
وسبقت إدانات هذه الدول إدانة الاتحاد الأوروبي ومنظمة “هيومن رايتس ووتش” التي أدانت المقابر التي عُثر في ترهونة منذ تحريرها في الخامس من يونيو الماضي حتى الآن ـ والتي تجاوزت 11 مقبرة جماعية تضم جثثا متحللة، وكان من بين الرُّفات أطفال ونساء وشيوخ.