قبل أن تنسحب ميليشيات حفتر والمرتزقة الداعمون لها من مناطق جنوب طرابلس، تركت وراءها الموت لمهجري المناطق متجسدا في الألغام التي امتلأت بها منازل المواطنين وأحياؤهم وشوارعهم بطرق تؤكد تعمد قتلهم.
ما إن انسحبت تلك الميليشيات حتى وجد المواطنون ورجال الهندسة العسكرية وفرق الألغام والمتفجرات، الألغام مزروعة في كل مكان، وبطرق خبيثة وصلت إلى إخفائها وراء ألعاب الأطفال؛ لغرض إحداث أكبر ضرر بأرواح المواطنين بعد تدمير شبه تام لمساكنهم ومصادر رزقهم.
لكن المثير للجدل هنا أن حكومة الوفاق لم تهتم بهذا الأمر، ولم تعره اهتماماً، وهي على علم بمدى وحشية المجرمين الذين كانوا يحتلون تلك المناطق لأكثر من أربعة عشر شهراً متوالية، وما ارتكبوه فيها من انتهاكات بحق ساكنيها ومساكنهم.
كما وأن الجهات المسؤولة عن تتبع الألغام والمتفجرات ونزعها وإبطال مفعولها، تنقصها الكثير من الإمكانيات المتطورة، لحماية منتسبيها ومن تطوع معهم في هذا المجال، وتركتهم الحكومة دون اهتمام من غير وسائل تؤمن حياتهم وهم في حقول الألغام. حيث إن أعداد الضحايا من المختصين ومن المواطنين في ازدياد.
اللجنة المشتركة لرصد وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان، أكدت حتى ساعة إعداد هذا التقرير، سقوط أكثر 70 ضحية؛ نتيجة انفجار ألغام مزروعة في الأحياء السكنية جنوب طرابلس، بينهم 27 حالة وفاة، والبقية أغلبها إصاباتهم بليغة.
ومن جهته أكد المستشار الإعلامي لوزارة الصحة أمين الهاشمي، اليوم الأربعاء، سقوط 7 قتلى، وإصابة 10 آخرين من المدنيين، بينهم امرأة وفنيون مكلفون بنزع الألغام، إصابات بعضهم بليغة؛ نتيجة انفجار ألغام من مخلفات ميلشيات حفتر، في مناطق عين زارة ووادي الربيع.
مدير مكتب الإعلام بالهيئة العامة للبحث والتعرف عن المفقودين عبد العزيز الجعفري أعلن العثور على 5 جثث بداية الأسبوع بمنطقة خلة الفرجان.
وأوضح الجعفري، في تصريح للرائد، أن فرق الهيئة تعمل في مناطق جنوب مدينة طرابلس، في أماكن محفوفة بالمخاطر؛ لوجود ألغام ومخلفات الحرب فيها وأضاف الجعفري أن ذلك جاء عقب ورود بلاغات عاجلة للهيئة بوجود جثث وأشلاء ومقابر جماعية لا تزال الفرق الفنية مستمرة في انتشالها حتى الآن.
وتضاف هذه الانتهاكات والمآسي إلى جرائم حفتر وميليشياته بعد عثور قوات الجيش في مدينة ترهونة على أكثر من 100 جثة في مستشفى المدينة، إضافة لمقابر جماعية عقب دحر مليشيات حفتر ومرتزقته من جنوب طرابلس وترهونة.
أمام هذه المأساة ينتظر من حكومة الوفاق تحمل مسؤولياتها في التحرك بجدية تامة تجاه الأمر، خاصة بعد سقوط هذا العدد الكبير من الضحايا الأبرياء، الذين عانوا بعيدين عن بيوتهم، ويريدون العودة لها في أسرع وقت ممكن.