بعد رفض خليفة حفتر القاطع لأي مبادرة سياسية منذ إعلان عدوانه على طرابلس في أبريل 2019، قبل حوار غدامس بعشرة أيام ـ ها هو الآن يخضع بعد الهزائم المتتالية ويعلن من القاهرة، رفقة الرئيس المصري الضالع في دعم عدوانه، قبوله الحل السياسي. الحل السياسي هذه المرة تبنته مصر التي طرح رئيسها عبد الفتاح السيسي مبادرة سياسية قال، إنها لإنهاء الصراع في ليبيا، وتقضي بوقف إطلاق النار، وتشكيل مجلس رئاسي جديد من رئيس ونائبَيْن ورئيس حكومة منفصل، في مرحلة انتقالية تمتد لعام ونصف.
مسرحية هزلية
عضو المجلس الأعلى عادل كرموس وصف ما حصل في القاهرة بـ” المسرحية الهزلية” التي لا يمكن أن تسمى “مبادرة”؛ لأن أي تدخّل لإجراء تقارب أو تصالح يستلزم دعوة الطرفين ومحاولة تقريب وجهات نظرهما.
أوضح كرموس، في تصريح للرائد، أن إملاء مهزوم لشروطه بستار مصري حمل اسم مبادرة رئيسها في موقف فاشل يستجدي فيه عبد الفتاح السيسي أن يقاتل في ليبيا نيابة عنه، ويسعى إلى جرّ مصر لحرب مع تركيا بدواعي حماية الأمن القومي المصري ـ كل ذلك يكشف حجم الضعف الذي بلغه حفتر.
وأشار كرموس إلى أن عدم تركيز حفتر أثناء إلقائه لكلمته المكتوبة يدل على شعوره وإحساسه بالهزيمة القادمة التي ستنهي مشروعه في ليبيا.
مناورة سياسية
النائب الأول لرئيس مجلس النواب جلال الشويهدي قال، إن ما أعلنه السيسي بحضور عقيلة وحفتر يُعدّ مناورة سياسية لا مبادرة، مضيفا أنه إذا كان حفتر يرى أن قوات الجيش التابعة لحكومة الوفاق الشرعية “مليشيات”، فماذا تسمى المليشيات التابعة له، وهي مكونة من مليشيات الكاني وعادل دعاب، وغيرهما، وهو من صنفهما فيما سبق مليشيات؟!
واستغرب الشويهدي، في تصريح للرائد، ما جاء في هذه “المناورة” التي نصت على تسليم الجيش المنتصر الذي يطارد فلول مليشيات حفتر الهاربة كل يوم من مدينة سلاحه، مشيرا إلى أن هذه المناورة لم تأتِ بجديد، ونقاطها غير منطقية، مؤكدا أننا لم نرَ دولة في العالم تجلس وتحاور وتفاوض تنظيم الدولة أو القاعدة أو غيرهم من الإرهابيين، فكيف يطلب حفتر الآن الجلوس والعودة للعملية السياسية مع من وصفهم بهذه الأوصاف؟!
خارج التداول
عضو مجلس النواب ربيعة أبو راس رأت أن مبادرة القاهرة التي أعلنها الرئيس المصري أصبحت خارج التداول حاليا، ولم تعُد تلبي طموح الليبيين الذين أهدر دمهم في أروقة البلدان الداعمة لحفتر التي ما زالت تحتضن المجرمين “حفتر وعقيلة”، وتبرر أفعالهما.
وأكدت أبو راس، على صفحتها الرسمية، أن مجرم الحرب حفتر وعقيلة صالح لم يعُد لهما مكان، والرجال قالت كلمتها في الميدان، مضيفة أن الاستحقاق الأهم الآن هو فرض حكومة الوفاق سلطتها على كامل التراب الليبي من خلال مؤسساتها الأمنية الشرعية، وإنهاء شبح السلاح الموجه دوليا ومحليا، وحيازته لدى المؤسسات الشرعية التي شرع لها القانون حق حيازة السلاح تحت السلطة المدنية المعترف بها دوليا ومحليا.
أبوراس أضافت أن علينا التفكير الآن في ترميم حجم الخسائر المعنوية والمادية التي لحقت بالمدن والمناطق التي جعل “مجرم الحرب حفتر” منها للهجوم ومخازن للمرتزقة والسلاح، وأراضي للألغام، واستباحة دماء الليبيين وهتك نسيجهم الاجتماعي وجعلهم بين فار ومطلوب ومقتول.