بعد أكثر من عام من العدوان على العاصمة وعلى عدد من المدن الليبية، والذي قتل فيه آلاف الليبيين بين مدنيين وعسكريين، وأصاب المئات غيرهم بإصابات مختلفة، وشرد مئات الألوف من بيوتهم التي كانت تأويهم، والدمار الذي طال مدنا وقرى وبنى تحتية.
يطل حفتر على أتباعه بعد أن كان يمنيهم في كل مرة بالنصر المزعوم وبساعات صفر متعددة وبهجومات متكررة، ليشعل حرباً من نوع أخرى، هذه المرة، وهي مطالبته أنصاره بتفويضه بحكم البلاد، وإلغاء الاتفاق السياسي، وتنحية المجلس الرئاسي المنبثق عنه.
وظهر من الجانب الآخر عقيلة صالح ليعلن مبادرة للحل بعد تحريضه لأكثر من عام على الحرب، يعلن فيها مطالبته بإعادة تشكيل المجلس الرئاسي وتشكيلة حكومته الجديدة، والتي يريد أن يوافق عليها هو أو يعطيها الثقة، وهو الذي لم يتبق معه إلا قلة من أعضاء مجلس النواب، بعد أن أعلن العدد الأكبر منهم عقد جلسات المجلس في طرابلس وقليل آخرون مقاطعون لسياساته.
هذا التناقض في الخطاب بين حفتر وعقيلة صالح واضح وكبير، لأن الأول يدعو لإلغاء الاتفاق السياسي وتنصيبه حاكماً وحيداً، والثاني يريد تعديل الاتفاق السياسي ومجلس رئاسي جديد من ثلاثة أفراد.
فهل يكون هذا التباين والاختلاف بداية لصراع على السلطة بين رئيس مايزال ينتحل صفة رئيس مجلس النواب مع من نصبه هو قائداً عاماً لما يسمى الجيش، والذي يفترض أن يكون تحت إمرته بصفته القائد الأعلى للجيش، وإذا به يتمرد عليه ويعلن انقلاباً من نوع جديد بعد فشله في إعلان انقلابات سابقة وعجزه عن تنفيذ مشروع ومخطط دول محور الشر في ليبيا.
وكيف سيكون موقف حفتر من عقيلة صالح وهو بجواره يخالفه صراحة وبوضوح في ما يريد، وهل تكون مبادرة صالح كطوق نجاة أو مشروع بديل لحفتر إن فشل في جمع التفويضات التي يريد.
سننتظر قادم الأيام لنرى إن اشتد الخلاف بينهما، أو ستتبعه حالة سكوت بين الطرفين، توحي بتدبير أمر ما.