نشرت أكثر من دراسة علمية تتحدث عن دور التطعيمات -خاصة التي ضد داء السل- في تقليل الإصابة بفيروس كورونا المستجد (سارس كوف 2)، الذي يسبب مرض كوفيد-19.
وبدأ تفشي فيروس كورونا في مدينة ووهان الصينية في ديسمبر/كانون الأول الماضي، في سوق للأطعمة كان يبيع حيوانات برية بطريقة غير مشروعة، وتجاوز عدد الإصابات عالميا مليون وربع المليون، وسبعين ألف وفاة، والرقم في ارتفاع.
وأطلق على الفيروس اسم (سارس كوف 2) (SARS-CoV-2)، وذلك لتمييزه عن فيروس “سارس كوف” (SARS-CoV)، المسبب لمتلازمة الالتهاب الرئوي الحاد الوخيم (سارس)، الذي انتشر في 2002-2003، وسبب 774 حالة وفاة، أغلبها في آسيا.
واحدة من تلك الدراسات نشرت على موقع “ميد آر إكس في” (medRxiv) للأبحاث الطبية غير المنشورة، وأظهرت أن الدول التي تقوم بإعطاء مواطنيها تطعيمات مثل التطعيم ضد مرض السل “بي سي جي” (bacillus Calmette-Guerin- BCG) أظهرت عددا أقل من الحالات المؤكدة بالإصابة أو الوفاة بفيروس كورونا.
الدراسة أشارت أيضا إلى أن نحو ست بلدان حول العالم تقوم حاليا بتطعيم أطباء الصفوف الأولى لمكافحة فيروس كورونا بلقاح “بي سي جي”، إضافة إلى تطعيم عدد من كبار السن، ودراسة مدى الحماية التي يمكن أن يحصلوا عليها ضد الإصابة بفيروس كورونا نتيجة ذلك.
وحسب الدكتور جونزالو أوتازو، الأستاذ المساعد في معهد نيويورك للتكنولوجيا والمؤلف الرئيسي للدراسة؛ فإنه لاحظ انخفاض عدد حالات الإصابة بالفيروس في اليابان، التي كانت من أوائل الدول التي أبلغت عن تفشي الوباء فيها. وتعتمد اليابان سياسة التلقيح الإجباري، وهو الأمر نفسه في كوريا الجنوبية، التي نجحت في الحد من انتشار الفيروس.
خفض الإصابات والوفيات
وفي الدراسة الجديدة، قام الباحثون بالنظر في حالات الإصابة بالفيروس والوفيات الناجمة عنها لمدة 15 يوما، بين 9 و 24 مارس/آذار في 178 دولة، وخلصت الدراسة إلى أن “الإصابة بكوفيد-19 كانت بمتوسط 38 حالة لكل مليون شخص في البلدان التي لديها تطعيم “بي سي جي” مقارنة بنحو 358 حالة لكل مليون عند عدم وجود برنامج قومي للتطعيمات، في حين كان معدل الوفيات 4.28/لكل مليون شخص في البلدان التي لديها برامج تطعيم “بي سي جي” مقارنة بـ40/لكل مليون شخص في البلدان التي ليس لديها مثل هذا البرنامج”.
في المقابل، فإن بلدانا مثل إيران -التي اعتمدت برنامجا قوميا لتلقيح الأطفال ضد مرض السل، ولكن بشكل متأخر للغاية- كانت واحدة من أكثر الدول المتضررة في العالم من فيروس كورونا.
وتشير الدراسة إلى أن اليابان وكوريا الجنوبية لديهما سياسات لقاح “بي سي جي” إلزامية، وتمكنتا من السيطرة على انتشار الفيروس بدرجة عالية.
ويقول الدكتور آشيش كامات، المؤلف المشارك في الورقة وأستاذ الأورام وأبحاث السرطان في مركز إم دي أندرسون للسرطان في هيوستن؛ “بينما كنا نتوقع رؤية تأثير وقائي لتطعيم بي سي جي، فإن حجم الاختلاف وصل إلى نحو عشرة أضعاف، بين إصابات ووفيات بالفيروس، بين البلدان التي ليس لديها برنامج التطعيم بي سي جي وتلك التي لديها برنامج للقاحات”.
وحسب وكالة بلومبرغ، فإن الأطباء الهولنديين في مركز جامعة رادباوند (Radboud Universty) كانوا من أوائل من اختبروا فعالية لقاح “بي سي جي” ضد
فيروس كورونا المستجد، حيث قاموا بدراسة استجابة أربعمئة عامل صحي، في تجربة علمية
حصل مئتان منهم على لقاح “بي سي جي”، وحصل مئتان على علاج وهمي، لكن من
غير المتوقع أن تظهر أي نتائج للدراسة قبل شهرين على الأقل.
كما يعتزم فريق الباحثين الهولنديين بدء تجربة منفصلة لدراسة فعالية لقاح “بي
سي جي” على من تزيد أعمارهم على ستين عاما، وتجري تجارب أخرى في أستراليا
والدانمارك وألمانيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، في حين لا تزال الدراسات
جارية لفهم سبب كون لقاح “بي سي جي” فعالا ليس ضد السل فقط، بل ضد
ميكروبات أخرى.
ويقول الفريق الهولندي إن لقاح “بي سي جي” يقوم بتقوية الجهاز المناعي بطريقة تجعله جاهزا للاستجابة بطريقة أفضل تجاه الميكروبات التي تعتمد إستراتيجية بكتيريا السل في مهاجمة جسم الإنسان.
المصدر _ الجزيرة