سجلت أسعار العملات الأجنبية في السوق الموازي أمس واليوم ارتفاعا ملحوظا بعد استقرار في الأسعار دام أكثر من عام نتيجة استقرار صادرات النفط والإصلاحات الاقتصادية التي اعتمدها المجلس الرئاسي.
وبدأ تراجع الدينار الليبي أمام الدولار في السوق الموازي منذ إعلان الموالين لقائد العدوان على طرابلس خليفة حفتر في الـ17 من يناير الماضي ـ إغلاق النفط، وزاد تراجعا ليسجل 4.90 دنانير مقابل الدولار الواحد تزامنا مع تدهور أسعار النفط التي انخفضت إلى 33 دولارا تقريبا للبرميل الواحد.
إغلاق النفط وارتفاع الدولار عاد بنا إلى الأزمة الاقتصادية التي مرت بها البلاد عام 2014 نتيجة إغلاق إبراهيم الجضران الحقول والموانئ النفطية متسببا في خسائر للدولة الليبية فاقت 100 مليار دولار.
ارتفاع أكثر
المحلل الاقتصادي المبروك صالح يقول، إنه في ظل التعثر الاقتصادي الذي تشهده ليبيا الآن يمكن أن يرتفع الدولار إلى أكثر من 5 دنانير، ومن المتوقع أن يحدث فاقد في السوق المحلي ويتضخم الدينار الليبي.
وأوضح صالح، في تصريح للرائد، أن ارتفاع الدولار لن يُحدث أزمة في ليبيا؛ إذ يمكن علاجها عن طريق إنهاء الفساد ومعالجة الإدارة، وذلك بأن تكون للدولة الليبية إدارة جيدة تنهي الفساد، خاصة أن الشعب الليبي قليل العدد، ولا تُصرف عليه مبالغ طائلة، وليس هناك مشاريع كبيرة تستحق أموالا باهظة.
وأشار صالح إلى أنه لن تكون هناك أزمة في المرتبات إذا انتهى الفساد وعُدّل الهيكل الوظيفي للدولة، وهذا أمر لا بد أن تتعافى منه ليبيا، خاصة أن لديها الكثير من المصادر لكسب قوتها، لافتا إلى أن أزمة انتشار فيروس كورونا سيكون لها تأثير في اقتصاد المنطقة، ولكن ليبيا ليس لديها إنفاق كبير؛ ولذا لن يكون تأثيره قويا على اقتصادها.
عوامل عديدة
ومن جهته، أوضح المحلل الاقتصادي مصطفى شقلوف، أن العملات بصفة عامة، وإن كان الدولار أهمها، تعتمد على العرض والطلب شأنها شأن أي منتج آخر، ولكن سعر الصرف يتأثر بعوامل عديدة أخرى تزيد من العرض والطلب كالأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية، وقرب بعض المواسم كشهر رمضان وغيره.
وقال شقلوف، في تصريح للرائد، إن ليبيا في ظرف استثنائي، والدولة في وضعها الحالي مع شح الواردات وزيادة المصاريف ـ لن تستطيع الاستمرار في تغطية بطاقات الـ 10 آلاف دولار والاعتمادات البنكية، وسعر الدولار سيزداد تدهورا إن لم تسعَ الدولة ممثلة في مصرفها المركزي إلى زيادة الضريبة المضافة لتحقيق أكبر مكسب لما تبقى من الأرصدة الأجنبية وهذا سيمكّنها من دفع مرتبات موظفي القطاع الحكومي.
وأوضح شقلوف، أن الحل يكمن في أن يعود تصدير النفط لسابق أوانه، مع دعم خفض إنتاج النفط؛ لرفع الأسعار، وإعادة النظر في تصدير الكثير من المنتوجات المحلية؛ للحصول على دخل أجنبي إضافي، وإعادة النظر في سعر المحروقات مقارنة بدول الجوار، بالتوازي مع دعم القطاع الخاص بقروض وتسهيلات للمشاريع الصغرى، وإعادة النظر في أعداد الكادر الحكومي المتضخم.
ويبقى هاجس الخوف من ارتفاع الدولار واستمرار إغلاق النفط مسيطرًا على عقل المواطن وتفكيره في الوقت الحالي؛ لما لذلك من أثر مباشر على أحواله المعيشية.