بعد مرور 45 يوما على إغلاق خليفة حفتر لمعظم الحقول النفطية مستخدما في ذلك القطيع الذي ينفذ الأوامر دون تفكير في الأهداف ولا التداعيات حتى لو كانت على مستوى الفرد القائم بالفعل.
45 يوما كانت كافية لكي تحرم خزينة الدولة قرابة المليارين ونصف المليار دولار ولا زالت الخسائر مستمرة بواقع 60 مليون دولار لليوم الواحد “بحسب ما أعلنت عنه المؤسسة الوطنية للنفط ” ما دام القطيع مستمرا في منواله
يقول القطيع: نعم نحن من قام بالإغلاق والسبب أن المردود المالي العائد من الصادرات النفطية ” التي تمثل أكثر من 90% من الإيرادات العامة للدولة عند استثناء إيرادات بيع النقد الأجنبي ” تعود فائدتها لأناس يستفيدون بها دون غيرهم وكأنهم تناسوا أن مرتباتهم التي يتقاضونها نتيجة حصولهم على تعيين بأحد القطاعات العامة تأتي من الإيرادات النفطية؛ كذلك البنزين والمحروقات عامةَ والتي يدفع القليل لأجلها؛ بخس سعرها لأجل الدعم المفروض عليها والمدفوع من قبل الدولة بمليارات النفط
وجب التنويه إلى أن الدولة الليبية تسيّل مبلغا وقدره 25 مليار دينار من أجل سداد قيمة المرتبات السنوية وإعطائها للمواطن المتحصل على التعيين
وتدفع الدولة مبلغاً آخر قدره 8 مليارات دينار إلا القليل لأجل توفير الدعم لبعض الحاجيات للمواطن كالمحروقات والكهرباء وغيرها
اليوم يمكنك في غالب الأوقات الدخول للمصرف الذي به حسابك والحصول على مبلغ مالي يسد حاجتك وحاجة عيالك إن لم تكن أعزب ولكن القطيع نسي أنه بالأمس كان يبيت أمام المصارف لأجل الحصول على مبلغ زهيد.
نسي القطيع أيضا أن ما عاشه لسنوات كان ارتدادا لفعل الجضران عندما أغلق الحقول لشهور طوال … ويبدو أنه قد اشتاق للمبيت الخارجي وحن لمكانه الذي طبع باسمه أمام أحد المصارف؛ ولئن وصلنا الى هذا السيناريو المحتوم لو تواصل إقفال الحقول ستجد من قام بالإغلاق أول من يشتكي ويلوم الحكومة قائلا إنها فاشلة وغير قادرة على تسيير أمور العباد وهو في حقيقة الأمر أساس انهيار دولته وتجده في قوله مقتنعا تماما بفعله والسبب ببساطة قلة الوعي والثقافة والعناد المتوارث لديه.
وجب الحديث أيضا أنه وبالربع الأخير من العام 2018 أقر المجلس الرئاسي رفقة مصرف ليبيا المركزي حزمة من الإصلاحات الاقتصادية التي كانت مثمرة فور التوقيع عليها ونتائجها الإيجابية طالت المواطن ودنت منه شيئا فشيئا حتى عاد لجيبه القليل من الهيبة؛ ظلت هذه الإصلاحات صامدة حتى في الوقت الذي أقر فيه راعي القطيع الحرب على العاصمة ومدنية الدولة بل وأثبتت صلابتها عندما تم خفض الرسم المفروض على النقد الأجنبي ليصير 163% بدل ما كان عليه 183% … ولكن الحال مختلف اليوم فالأكيد أنه ومن بعد تجفيف منابع الدولة صارت الحزمة مهددة بالخطر ووحدها الأيام من ستوضح الارتداد السلبي على سعر النقد الأجنبي “طالما الحقول مغلقة” الذي وصل سعره بالسوق السوداء قبل الإغلاق لما هو تحت خط الأربعة دنانير واليوم يتراوح من الأربعة دنانير وربع الدينار وأربعة دنانير ونصف الدينار ولا بد للسعر من أن يزداد طالما تعنت القطيع ومن قبله الراعي .
الأكيد أنه لابد من وجود سبب حقيقي وشخص راعٍ مستفيد من الإغلاق؛ نعم هو حفتر؛ فلا مستفيد غيره ولديه من أسباب فعله اثنان
الأول. تجفيف المنبع الرئيسي للدولة وإفقار جيب المواطن واللعب على وتر الاقتصاد الحساس الذي يكون في العادة من أكبر أسباب ثوران الشعوب على حكوماتهم وهو ما يصبو إليه بعد أن تكسرت أحلامه باحتلال العاصمة عسكريا مقتنعا الآن بأن دخول طرابلس يحتاج منه الكثير وتوسيع نشاطه عسكريا واجتماعيا واقتصاديا وأمنيا
الثاني. هي ورقة ضغط سياسي يلوح بها أمام العالم غير مرتعد منهم ” طالما أنه مرضي عنه من دولة بحجم فرنسا ومدعوم من الإمارات التي أغرقت العالم بمالها وصارت لديها من الصداقات والمصالح مع عظماء الدول ” ويرفعها أمام خصومه في أي مشاورات قادمه حتى يكون له النصيب الأكبر من الشروط.
فيما سبق قام حفتر بمحاولة تحويل العائدات النفطية إلى المؤسسة الموازية ولكن رد واشنطن جاءه سريعا على لسان نائبة رئيس البعثة ستيفاني ويليامز؛ بيد أن هذه المرة لم تتدخل واشنطن ولا غيرها ولا حل إلا باقتلاع المرض بعملية عسكرية وهو كما يعلم الجميع أمر مستحيل بالوضع الحالي ولا حل بديل الا بتوعية القطيع بفعلته وكيف سيكون حاله ان استمر بعناده وهو ما لا يعتبر مستحيلا ولكنه صعب الى أبعد الحدود.
ستبقى الحقول مغلقةً إذاً حتى يرى حفتر بأنه حقق مبتغاه “المفصل بالشرح في نقطتين” ووقتها فقط سنعلم من المؤسسة الوطنية للنفط مقدار الخسائر التي تكبدتها الدولة جراء تعنت حاكم الرجمة.