بعد قرابة 3 سنوات من شغله منصب رئاسة البعثة الأممية لليبيا خلفا للألماني مارتن كوبلر يخرج سلامة معلنا طلب إعفائه من مهامه في ليبيا، ولم يجد إلا منصة تويتر ليعبر فيها عن تعبه من الاستمرار في وظيفته .
عامان ونيف لمحاولة لم شمل الليبيين، وكبح جماح التدخل الخارجي، وصون وحدة البلاد، لكن الصحة لم تعد تسمح بهذه الوتيرة من الإجهاد، هكذا لخص سلامة مسيرته في ليبيا بعد ما جاب جل المدن الليبية، وعواصم الدول المعنية بالشأن الليبي .
لكن البعض يرى أن هناك أسبابا أخرى لطلب سلامة الإعفاء من مهامه، أبرزها تعنّت حفتر ورفضه ونسفه لكل الحلول السياسية التي طر حها سلامة،الذي أصبح لا يستطيع إخفاءه بنبرته المتفائلة.
سلامة أيقن عجزه
الكاتب الليبي علي أبوزيد اعتبر أن سلامة أيقن عجزه عن تمرير رؤيته التي يريد فرضها على الليبيين، ومحاولته إدارة حوار متعدّد المسارات لم يمكنه من تخفيف حالة الاحتقان ويعطِه المقدرة على المناورة.
وأضاف أبوزيد، في تصريح للرائد، أن سلامه عجز خاصة بعد تصعيد حفتر الأخير الذي نسف كل جهوده في بناء أساس هشّ لهذا الحوار، لذلك لم يجدْ غطاءً يستر به سوأة فشله ويغطّي به على تدليسه بادعاء تحقيق تقدّم إلا التذرّع بحالته الصحية.
تعنت حفتر
المحلل السياسي المصري المهتم بالشأن الليبي علاء فاروق رأى أن طلب الاستقالة جاء بعد تعثر الخطوات التي مارسها بثقل وتعنت وإصرار كاذب في أحايين كثيرة، لافتا أنه بالرغم من تعليق مشاركة قطبي المحادثات السياسية “البرلمان ومجلس الدولة” إلا أن سلامة عقد الاجتماع بمجموعة ناشطين وأعضاء لا يمثلون إلا أنفسهم ورغم القصف وانهيار الهدنة.
فاروق أوضح في تصريح للرائد أن خطوة سلامة بـ “طلب الإعفاء” جاءت بعد تأكده أنه يحرث في البحر ولا يكترث أحد لخطواته خاصة مع انقسام دولي في المنظمة التي يتبعها وتحدٍ واضح من الجنرال حفتر لأي قرار دولي أو خطوة.. فهو يخرج لهم لسانه دوما عبر طائراته وصواريخه التي تقتل المدنيين والعسكريين في العاصمة.
إقصاء الخصوم
الكاتب الصحفي والمهتم بالشأن العام فرج فركاش أشار أنه مر على ليبيا 6 مبعوثين أمميين من مختلف الجنسيات والعامل المشترك للأسف هو الليبيون أنفسهم .. والفشل للأسف هو فشل الليبيين ككل، خاصة الأطراف الرافضة للتنازل، التي كانت مصرة على إقصاء الخصوم سياسيا أو عسكريا
وحملّ فركاش، في تصريح للرائد،من هاجم العاصمة وشرعيتها الجزء الأكبر من المسؤولية، وكان أول مسمار دق في نعش سلامة قبيل انعقاد ملتقى غدامس، ولكن هناك أيضا تخاذل وبطء من الطرف المقابل في إزالة الأسباب والمبررات التي تعذر بها حفتر في هجومه على العاصمة.
واعتبر فركاش أنه كانت هناك فرص لم يستغلها سلامة بطريقة جيدة خاصة في حوار تونس .. ولكن سلامة وقع في فخ التناقضات والانقسامات الدولية واصطدم بجدار التعنت، ورفض التنازل من الأطراف الداخلية .. وتعيين بديل آخر سيكون مهمة صعبة لملأ الفراغ الذي سيتركه سلامة كونه ملما بالملف الليبي وناطقا بالعربية، وعلى تواصل مع عدة دول فاعلة في الملف الليبي، وسنرى للأسف ليبيا ستأخذ ربما أحد الترتيبات الأخيرة في سلم الأولويات الدولية ..
محدودية النجاح
الكاتب الصحفي والمحلل السياسي عبدالله الكبير أشار إلى أن الضغوطات التي تعرض ويتعرض لها سلامة خاصة من الدول الداعمة لمشروع حفتر كبيرة .
الكبير بينّ، في تصريح للرائد، أن سلامه بات يدرك محدودية أي نجاح للمسار السياسي مع التعنت الذي يؤديه حفتر وعدم تجاوب المجتمع الدولي مع خطته بشكل فاعل ما دفعه لتقديم استقالته.
فشل الجميع
عضو مجلس النواب ربيعة أبورارس اعتبرت ما وصفتهم بالمنظرين اللامبالين في المشهد الليبي من الطرفين أنه سوف يسعدههم خبر طلب غسان سلامة إعفاءه من منصبه، وسيتهم سلامة بأنه فشل في إدارة الازمة الليبية في “الوقت الذي كنا فيه نحن الفاشلون في أن نصمد من أجل مصالح بلدنا العليا”.
وأضافت أبوراس، في تصريح للرائد، أن إعلان موعد انعقاد المسار السياسي هو ما أوصلنا لهذه الحدود المكبلة بالخيوط المتشابكة التي أرهقت كاهل سلامة، وأرهقت الجسد الضعيف ليبيا التائق للاستقرار.