مع ثبات موقفي مجلسي النواب والأعلى للدولة من حوار جنيف السياسي وإصرارهما على ضرورة تحقق تقدم في الحوار العسكري قبل انطلاق العملية السياسية ـ حاول مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة تسويق أن اجتماعات اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) قد حققت تقدما خلال اجتماعاتها في الجولة الثانية بمقر الأمم المتحدة في جنيف ـ إلا أن كل الوقائع والأحداث على الأرض تنفي هذا الكلام جملة وتفصيلا.
وقد أعلنت البعثة الأممية أن المجتمعين في حوار لجنة 5 +5 في جولته الثانية، توصلوا إلى مسودة اتفاق يقضي بوقف إطلاق النار وعودة النازحين، مشيرة إلى أن الطرفين طلبا عرضها على قيادتيهما لمزيد من التشاور، دون أي توقيع أو التزام حقيقي يؤكد سير المفاوضات إلى الأمام.
ملتزمون بالثوابت
رئيس وفد حكومة الوفاق في اللجنة العسكرية 5 + 5 اللواء أحمد أبو شحمة نفى، بطريقة غير مباشرة، التوصل إلى مسودة اتفاق في الحوار قائلا، قدّمنا ملاحظات للبعثة إما أن تُقبل كلها حزمة واحدة أو ترفض كلها، موضحا أن النقاشات مع البعثة ارتكزت على ثابت واحد، وهو انسحاب مليشيات حفتر إلى ما قبل الرابع من أبريل 2019، وتأمين عودة النازحين والمهجرين إلى بيوتهم.
وأضاف أبو شحمة، في ختام الجولة الثانية، “لا يمكننا التنازل عن دماء الشهداء وتضحيات الأبطال ومعاناة النازحين”، مشيرا إلى أن ما قدمته اللجنة إما أن يقبل حزمة واحدة أو يرفض، و”نحن لا نتحمل مسؤولية الدماء الليبية التي تسيل من جراء تعنت ورفض الطرف الآخر”.
قفز على النتائج
من جهته، يحاول المبعوث الأممي غسان سلامة القفز على نتائج الحوار العسكري والقول إن المفاوضات تسير في اتجاه صحيح، فقد ادّعى سلامة، في مؤتمر صحفي قبل اختتام الجولة الثانية، أن الحوار العسكري يتقدم خلال الاجتماعات الجارية.
وأكد سلامة أن ثمة تفاهما يجري يتطلب التزامات من مليشيات حفتر من جهة والجيش الليبي التابع لحكومة الوفاق من جهة أخرى.
حفتر يحشد
ويظهر حشد حفتر المستمر لميليشياته في محاور الهجوم على طرابلس ـ عدم وجود أي نيّة للوصول الى وقف دائم لإطلاق النار في الأيام القادمة، خاصة أن ميليشياته لا تزال تطلق قذائف الموت العشوائية على أحياء طرابلس.
وأكد سالم أبو راوي آمر غرفة العمليات والسيطرة بقوات بركان الغضب، وجود تحشيدات لميليشيات حفتر في محور زوارة، مع تحريضه على الفتنة في المنطقة الغربية عبر إرسال قواته إلى صرمان والأصابعة.
وأضاف أبو راوي، في مداخلة تلفزيونية، أن الهدنة أصبحت غير ذات جدوى ومجرد كلام يقال في القنوات والإذاعات، مضيفا أن مدفعية قوات الجيش الليبي تقوم بإسكات نيران العدو في أكثر من منطقة، وأنها أجبرته على الرجوع إلى الخلف.
ضغط دولي
وتستمر الدول الكبرى في ضغطها من أجل انطلاق الحوار السياسي دون النظر إلى عدم وجود أيّ مخرجات للحوار العسكري، وهو ما يزيد الشكوك في جدية المجتمع الدولي لإيجاد حل للأزمة في ليبيا.
وأصدرت سفارات فرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي بيانا مشتركا، رحبت فيه بما وصفته بالتقدم في المسار العسكري، مُعربة عن تطلعها إلى إطلاق مفاوضات سياسية برعاية الأمم المتحدة على النحو المنصوص عليه في قرار مجلس الأمن.
وتثبت كل مجريات الأحداث على الأرض بداية من انطلاق الجولة الأولى إلى اختتام الجولة الثانية من محادثات 5+5 دون الوصول إلى أي نتائج حقيقية ـ عكس ما تحدث عنه غسان سلامة في مؤتمراته الصحفية من أن المفاوضات تسير بشكل جيد، فلماذا يصرّ سلامة على ترويج هذا الانطباع للرأي الدولي والمحلي؟