بعد ما تمخض عنه مؤتمر برلين حول الأزمة الليبية والاتفاق فيه على 55 نقطة أهمها تشكيل “لجنة عسكرية من طرفي النزاع”؛ لترسيم خطوط التماس، وتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار تتجه الأنظار الآن لمفاوضات جنيف التي دعا لها المبعوث الأممي لليبيا غسان سلامة نهاية الشهر الحالي بين مجلسي النواب والأعلى للدولة.
سلامة سيختار في هذا الاجتماع 13 شخصية للحضور دون الرجوع للأجسام المنتخبة في ليبيا في حين اختار المجلس الأعلى للدولة أعضاء الوفد الذي سيمثله في الحوار من خلال الانتخاب عن طريق اختيار ممثل عن كل دائرة انتخابية بالمجلس.
لكن الآلية الغامضة التي سيختار بها سلامة هذه الشخصيات وتأثيرها في مخرجات حوار جنيف دعت العديد من القوى الفاعلة والأطراف السياسية للمطالبة بمنع سلامة من فرض أسماء بعينها أو إدخالهم في أي تصويت على أي قرارات تخرج من هذا الملتقى.
أعيان وحكماء المنطقة الغربية طالبوا مجلس النواب والدولة، في بيان لهم، بعدم السماح لغسان سلامة باختيار أي شخصية تمثل ليبيا في مفاوضات جنيف، وفي حال فرض ذلك فلا يحق لمن يختارهم التصويت على أي قرارات أو توصيات.
التصويت للأجسام المنتخبة فقط
عضو المجلس الأعلى للدولة عبد القادر احويلي، رحب بمطالبة أعيان وحكماء المنطقة الغربية مجلسي النواب والدولة بعدم السماح لغسان سلامة باختيار أي شخصية تمثل ليبيا في مفاوضات جنيف.
وقال احويلي، في تصريح للرائد، إذا اختارهم سلامة مسيّرين للحوار ومراقبين له فلا بأس بذلك، لكن في حالة حسم موضوع ما بالتصويت فلا يحق لهم التصويت ويكون التصويت حينها فقط للأجسام المنتخبة من الليبيين.
وأكد احويلي الذي انتخب من قبل المجلس الأعلى للدولة ممثلا لهم مع آخرين في المفاوضات المزمع عقدها في مدينة جنيف السويسرية أن اتخاذ القرارات في منتدى الحوار الوطني الليبي يجب أن يكون بالتوافق بين كافة المشاركين فيه.
المطالبة بالتوضيح
ومن جهته أكد المحلل السياسي عبد المجيد العويتي أن رئيس البعثة الأممية غسان سلامة مطالب بتوضيح طريقته في اختيار قائمة الـ 13 شخصا التي اقتطعها لنفسه، فالطريقة ليست من الاتفاق السياسي بشيء، ولا هي من مخرجات اجتماعات الحوار السياسي.
وقال العويتي، في تصريح للرائد، إن سلامة ملزم أن يوضح التركيبة التي سيركن إليها وكيف أنها لن تحرم مجموعة معينة من فئات الشعب الليبي من حقها في المشاركة ما قد يعيدنا إلى مربع التهميش والمطالبة بالعدل، وبالتالي يمكن أن يطعن في مخرجات جنيف برمتها في حال أن الاختيار لم يكن شاملا للجميع.
وأضاف العويتي، أنه يمكن للنواب هنا التساؤل والتخوف من هذه القائمة ووضع بعض التوصيات الملائمة والمناسبة والتخوف من صاحب اختيارها فهو يتصرف بغموض ولا يستند لموقف قانوني أو إجماع فيه.
مطلب مشروع
ومن جانبه رأى المحلل السياسي علي أبوزيد، أن هذا المطلب مشروع لعدة اعتبارات من أهمها عدم توضيح المبعوث الأممي غسان سلامة لمعايير اختيار هذه الشخصيات.
وقال أبوزيد، في تصريح للرائد، إن تمثيلهم وهم من اختيار سلامة من شأنه أن يثير الشبهات حول دور البعثة وأنها تسعى لتمرير أجندة معينة وتقرر بدلاً عن الليبيين، وأن هذه الشخصيات لا تمثل أي سلطة دستورية تخوّلها التقرير عن الليبيين.
ويرى مراقبون أن سلامة يريد أن يعيد سيناريو الملتقى الوطني في غدامس، الذي نسفه حفتر بعدوانه على طرابلس في الرابع من أبريل العام الماضي بفرض شخصيات من عنده ليخرج بقرارات متفق عليها مسبقا، وهو الذي لم يدن حتى عدوان حفتر وقت زيارة الأمين العام للأمم المتحدة انطوينو غويترش للعاصمة طرابلس حينها دون الأخذ بما صاحب العدوان من انتهاكات وجرائم غيرت وجه المشهد السياسي الليبي كما صرح رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج سابقا بأن المشهد السياسي لن يكون كما كان قبل العدوان.