in

لماذا تمول السعودية مرتزقة “فاغنر” الروس لقتل الليبيين؟

في فضيحة جديدة تظهر مصادر تمويل عدوان حفتر على طرابلس، كشفت صحيفة “لوموند” الفرنسية عن تمويل السعودية لعمليات مرتزقة شركة “فاغنر” الروسية في ليبيا دعماً لحفتر في سبيل تحقيق حلمه بالسيطرة على العاصمة.

الدور السعودي في العداون ليس خفيًّا، فقد زار حفتر الرياض قبل عداونه في أبريل الماضي، والتقى الملك سلمان وولي عهده؛ لتمويل حملته على العاصمة، وفقا لتقرير نشرته وكالة “سي إن إن” الأمريكية في مايو الماضي، وتحدثت فيه عن تمويل السعودية لحفتر بنحو 200 مليون دولار ليبدأ مغامرته للسيطرة على العاصمة.

وتعدّ مجموعة “فاغنر” أشهر شركة أمنية روسية، ويعمل تحت لوائها مئات المرتزقة الروس، وتتولى، بحسب تقارير صحفية، تنفيذ ما توصف بالعمليات “القذرة” في مناطق النزاع المختلفة.

جرائم فاغنر في ليبيا

وتعدّ جريمة قتل عائلة “امبيص” في السبيعة جنوب طرابلس من أبشع وأقذر الجرائم التي ارتكبتها مجموعة “فاغنر” ضد المدنيين.

وقد روى محمد امبيص الناجي الوحيد من حادثة القتل، في تسجيل مصور، كيف قتل المرتزقة الروس اثنين من إخوته وصهره وبترت رجل أخيه الآخر، قبل أن يتمكن هو من الهرب.

تأكيد أمريكي

وقال “ديفيد شينكر” مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى في نوفمبر الماضي، إن روسيا تنشر قوات بأعداد كبيرة لدعم خليفة حفتر.

وقال مسؤول ملف شمال إفريقيا السابق في الخارجية الأمريكية “وليام لورانس”، إن عدد المرتزقة الروس في ليبيا تضاعف من 200 إلى 1400.

اعتراف بوتين

ثم جاء اعتراف الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” بوجود مرتزقة روس في الأراضي الليبية، نافيا، في الوقت ذاته، أن يكونوا مرتبطين بالدولة الروسية، عندما قال، في مؤتمر صحفي رفقة المستشارة الألمانية “أنغيلا ميركل”، إن هناك مواطنين في ليبيا لكنهم “لا يمثلون الدولة الروسية ولا يتقاضون أي أموال من الحكومة”.

ممارسات السعودية تؤكد الخبر

وقال الكاتب الليبي محمد اغميم، إن الممارسات التي تتبعها السعودية داخل أراضيها وخارجها تؤكد أن السعودية لن تتوانى عن دعم أي نشاط ينهي ثورات الربيع العربي، على الرغم من عدم صدور أي تعليق من الدولة السعودية ينفي الخبر أو يؤكده.

وأضاف غميم، في تصريح للرائد، أن السعودية ودولا أخرى أنشأت تحالفا لمحاربة ثورات الربيع العربي والقضاء عليها، ورأيناها في أكثر من محطة تصطف مع دول أخرى مثل الإمارات ومصر لتحقيق هذا المسعى، ولهذا لا يُستغرب منها هذا الموقف.

وتابع غميم أن السعودية لم تقف مع حفتر بالمال أو بالعلاقات فحسب، وإنما باحتضانها “لتيار المداخلة “الذي يعدّ صورة مصغرة لجهاز مخابراتي ينخر جسد الأمة بأفكار مسمومة، ونتيجة هذا وجود أكثر من كتيبة تتبع هذا التيار تقاتل مع حفتر في عدوانه على العاصمة.

ويرى غميم أن خطورة هذا التيار الذي تغذيه السعودية فكريا وماليا تكمن في نشره ثقافة مضللة غير صحيحة عن مفهوم أصيل في الشرع الإسلامي وهو إطاعة ولي الأمر؛ إذ يجرّد دعاة هذا التيار هذا المفهوم من ضوابطه الشرعية التي تنص على ضرورة أن يكون الحاكم مختارا من الناس وبرضاهم، حسب قوله.

الوهم السياسي

ورأى الكاتب علي أبو زيد أن السعودية تعيش حالة من الوهم السياسي، فهي تعتقد أنها بهذا السلوك العدائي مع شعوب المنطقة ستبسط هيمنتها على القرار العربي والإسلامي، وهو ما أثبتت الأحداث في المنطقة صعوبة تحققه بعد تورطها في اليمن وتلطخ سمعتها باغتيال خاشقجي.

وأضاف أبو زيد، في تصريح للرائد، أن ليبيا ستكون مستنقعا جديدا لابتلاع المال السعودي لتحقيق أوهام ابن سلمان “العفنة”، ومحاولاته تمويل إرهاب العسكر ضد الشعوب الذي أصبح خطّاً واضحاً في السلوك السعودي.

وأوضح أبو زيد أن تقرير “لوموند” يذكّرنا بتقرير “سي إن إن” الذي تحدث عن دور السعودية في العدوان على طرابلس، وأنها هي من أعطت حفتر الضوء الأخضر ليبدأ هجومه ومولته ووعدته بالدعم السياسي من خلال تحريك لوبياتها في واشنطن.

دور تخريبي

أما الكاتب عبدالله الكبير فيرى أنه ليس من الغريب أن تمول السعودية أي أنشطة تحول دون تحقيق التغيير الذي جاءت به ثورة فبراير، وقد سبق لها استقبال حفتر على أعلى المستويات قبل غزوه لطرابلس بأيام معدودات، وفُسر هذا الموقف حينها بأنه دعم وتشجيع لحفتر على اجتياح طرابلس.

وأضاف الكبير، في تصريح للرائد، أن هذا هو الدور التخريبي غير المنظور للسعودية في ليبيا، فمن المعروف أن الموقف السعودي موقف معادٍ لثورات الربيع العربي.

ويرجح الكبير أن يكون وقت نشر هذا التقرير غير مرتبط بالحكومة الفرنسية، حسب ظنه؛ لأن صحيفة “لوموند” مستقلة وعريقة وذات مصداقية عالية، ولا تأثير للحكومة الفرنسية عليها، مضيفا أن السعودية لن تهتم بالأمر وربما لن تعلق عليه أصلا.

ويجمع مراقبون على توقع موقف المملكة السعودية الداعم لحفتر المتناسب مع سياساتها بعد تولي محمد بن سلمان مقاليد الأمور بوصفه وليا للعهد، وهو الذي يعرف عنه عداؤه الكبير لثوارت الربيع العربي وسعيه للقضاء عليها؛ خوفا من أن تنتشر شرارة هذه الثوارت في منطقة الخليج، ولهذا وجدت السعودية ضالتها في حفتر الجنرال المغرم بالكرسي والغارق في أوهام الحكم الشمولي، الذي يريد العودة بليبيا إلى عهد القذافي ـ غيرَ أن فشله المستمر على أسوار طرابلس قد يغيّر كثيراً في معادلات هذه الدول، خاصة أن ليبيا لا ترتبط بحدود برية معها، ولا تمثل خطرا على حكامها كما يتوهم من يمسك بمقاليد الحكم فيها.

كُتب بواسطة محمد الغرياني

“مكافحة الأمراض”: لم يُصَب أي ليبي بـ “كورونا” في الصين

ما الفرق بين كورونا والانفلونزا