منذ إعلان الرئيسين التركي والروسي لمبادرة وقف إطلاق النار في ليبيا ـ أشارت تقارير دولية ومحلية إلى هشاشة هذه المبادرة في ظل الفوضى والتشكيلات الخارجة عن الشرعية التي تُسمي نفسها “جيشًا”، الأمر الذي تأكد بعد بدء تنفيذ وقف إطلاق النار، حيث اتضح أن العديد من حلفاء حفتر في المنطقة الغربية لا يأتمرون بأمره ويبحثون عن مصالحهم الشخصية المتمثلة في عدم الحوار واستمرار الحرب.
ففي الـ 11 من يناير الجاري، أعلنت حكومة الوفاق قبولها وقف إطلاق النار استجابة لمبادرة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، مشددة على أن أي خرق للهدنة من جانب عناصر حفتر سيُرد عليه بقوة.
المسماري بدوره خرج في مقطع مصور ليؤكد التزام عناصر حفتر بوقف إطلاق النار، ويذهب بعدها حفتر إلى موسكو “من أجل توقيع وقف إطلاق النار” ثم يغادرها دون أن يوقّع.
جاء بعد موسكو مؤتمر برلين الذي تمخض عن 55 نقطة، أهمها تشكيل لجنة عسكرية مكونة من 5 عسكريين من كل جانب للتفاوض على خطوط التماس والهدنة ـ ومرة أخرى لم يوقع حفتر واكتفى بالموافقة الشفهية، بحسب تصريح المستشارة الألمانية “أنغيلا ميركل”.
الهدنة وبدء اختراقها
عناصر حفتر اخترقت الهدنة بعد دقائق من بدايتها ليلة الـ 12من يناير، واستهدفت الأحياء السكنية بمناطق عين زارة وصلاح الدين.
لم تكتفِ عناصر حفتر باستهداف الأحياء السكنية بل حاولت التقدم في أكثر من جبهة إلا أنها قُوبلت بردّ قوي من قوات الجيش الليبي التي أعلن مركزها الإعلامي أنها لم تخترق الهدنة بل أجبرت على التعامل مع عناصر حفتر التي حاولت التقدم في جبهات القتال جنوب طرابلس.
استمرار الخرق والصمت الدولي
الهدنة كانت فرصة لكثير من المدنيين للرجوع إلى منازلهم وإخراج ما يمكن إخراجه منها بعد أن غادروها خالي الوفاض، لكنهم ما إن حاولوا العودة حتى بدأت عناصر حفتر في ترويعهم واستهدافهم بشكل مباشر، لتضمن عدم عودة سكان تلك المناطق إلى ممارسة حياتهم الطبيعية.
وبعد أن ساد الصمت الدولي حول اختراق عناصر حفتر للهدنة، استمرت هجماتهم العشوائية على الأحياء السكنية وتكررت محاولتهم التقدم في أكثر من محور إلا أن جميعها باءت بالفشل، لتركز تلك العناصر جهودها على ترويع المدنيين لضمان بقاء المنطقة خالية من أي مظاهر طبيعية للحياة تؤكد فشلهم العسكري في اختراق العاصمة.
استهداف المطار وتهديد المدنيين
اختراقات عناصر حفتر للهدنة وصلت ذروتها بعد أن رشقت مطار معيتيقة بصواريخ عشوائية بدعوى استخدامه لأغراض عسكرية، وخرج المسماري معلنا فرض حظر جوي ومهددا بقصف الطيران المدني بمطار معيتيقة إذا تجاوز الحظر.
وردا على ذلك، خرج سلامة، في مقابلة مع قناة “فرانس 24″، منددًا بهذا الخرق على المطار المدني، مؤكدا أنه أبلغ الأطراف الليبية بعدم تكرار ذلك، دون أن يذكر سلامة الطرف المخترق للهدنة، وهو ما دعا المجلس الرئاسي إلى دعوة البعثة الأممية لتحمل مسؤوليتها في حماية المدنيين والطيران المدني قبل وقوع كارثة لا يحمد عقباها.
وفي انتظار عقد أول اجتماع للجنة العسكرية التي ستتفاوض على وقف إطلاق النار يبقى المدنيون في طرابلس تحت رحمة صواريخ عناصر حفتر العشوائية التي تهدد حياتهم في كل ساعة في ظل التخاذل والعجز الدولي والأممي عن إيقاف هذا الاستهتار بحياة سكان طرابلس.