انتهى مؤتمر برلين الذي كان يتطلع إليه الليبيون لعله يخرج بنتائج تعيد إليهم حياتهم الطبيعية دون حرب ودمار، وتجنبهم المزيد من الخراب الذي أتى به حفتر في أبريل الماضي.
بعد انتهاء المؤتمر رأى مراقبون أنه لم يأتِ بجديد فمخرجاته كمخرجات سابقيه لم تنفذ حتى الآن، ورأى آخرون أنه نجح في توحيد الموقف الدولي حول وقف إطلاق النار، وعدم وجود حل عسكري للأزمة الليبية، وهذا سينهي مشروع حفتر في السيطرة على طرابلس عسكريًّا.
لهجة جديدة
المحلل السياسي عبد المجيد العويتي قال، إن مؤتمر برلين جاء بلهجة جديدة للمجتمع الدولي، خاصة اللهجة الأوروبية، فإنها تضع بعض الخطوات التي يمكن أن تكون جادة على مستوى وقف إطلاق النار، وأنه لا وجود لحل عسكري للأزمة الليبية.
وأضاف العويتي، في تصريح للرائد، أن من المبكر الحكم على مخرجات المؤتمر بالفشل أو النجاح إلا بعد أن نلمس حقيقة الرغبة الدولية في الحل، خاصة فيما يتعلق بوقف إطلاق النار، والانتقال الحقيقي إلى مساعٍ سياسية تقودها الأمم المتحدة في جنيف تتوج كل المؤتمرات الدولية السابقة الخاصة بالملف الليبي.
نجاح للوفاق
ومن جانبه، رأى المحلل السياسي محمد غميم، أن مؤتمر برلين لم يأت بجديد، وهو تحالف للدول الأوروبية لمواجهة التحالف التركي الروسي، وخطوة منهم لمحاولة إثبات وجودهم في الأزمة الليبية كحراك دولي سياسي لإعادة الأمور إلى الحظيرة الأوروبية ـ أكثر منه معالجة للأزمة الليبية بصورة صحيحة.
وبيّن غميم، في تصريح للرائد، أن الدول الأوروبية تحركت في الملف الليبي عندما وقعت حكومة الوفاق وتركيا اتفاقية للتعاون الأمني والعسكري، وقبل ذلك كانت الدول الأوروبية تكتفي ببيانات التنديد فحسب.
ورأى غميم أن الموقف الذي حدث في برلين هو نجاح دولي مع أن مخرجات المؤتمر ليست بجديدة ولا تختلف عن مخرجات موسكو بين روسيا وتركيا، ولكنه يعدّ نجاحا لحكومة الوفاق التي أكد الجميع شرعيتها، وأنها الممثل الوحيد للشعب الليبي، وأنه لا وجود لحل عسكري، ويجب المضي قدما نحو الحل السياسي.
توقعات بالفشل
في المقابل، أكد الكاتب الصحفي عبد الله الكبير، أنه لا يتوقع الكثير من مؤتمر برلين بسبب الدور الغامض الذي تلعبه الولايات المتحدة الأمريكية في الأزمة الليبية، وأن ما يهم ألمانيا وأوروبا بشكل عام هو وقف التصعيد العسكري.
وأضاف الكبير، في تصريح للرائد، أن النقطة الأساسية في برلين، هي تثبيت وقف القتال، ووقف توريد السلاح من الخارج، فإذا ترجمت هذه النقطة عمليًّا وفُعّلت آليات تطبيقها فسنقول إن مؤتمر برلين حقق بعض النجاح، مشيرا إلى أن بعض النقاط العملية السياسية والحوار الأمني والاقتصادي كانت عمومية، ويبدو أن تفاصيلها تركت للبعثة الأممية.
فشل المؤتمر
أما المحلل السياسي علي أبوزيد فيرى أن مؤتمر برلين لم يكن بمستوى التحشيد والتحضير له، وأن ضعف المخرجات التي تمثلت في التأكيد على أمور تنادي بها كل الدول المعنية بليبيا دون وضع آليات واضحة للتنفيذ أو وجود ضمانات ـ يعكس فشل المؤتمر في تحقيق هدفه المعلن وهو تحقيق توافق دولي بشأن ليبيا.
وأضاف أبوزيد، في تصريح للرائد، أن تصريح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين باستمرار الجهود المشتركة مع تركيا لتحقيق الاستقرار في ليبيا هو علامة واضحة على عدم التعويل على مخرجات برلين التي نتجت أمس.
نجاح
المحلل السياسي فرج فركاش ذهب إلى نجاح برلين قائلا، إن وثيقة استنتاجات مؤتمر برلين تعدّ نجاحًا بحد ذاتها، وتفتح المجال للعودة إلى العملية السياسية ووأد المشروع العسكري.
وأضاف فركاش، في تصريح للرائد، أن ما سارع في انعقاد مؤتمر برلين عدة عوامل، أهمها توقيع مذكرة التفاهم الليبية التركية، ثم الاتفاق الروسي التركي على الاتفاق بصياغة هدنة تؤدي إلى اتفاق دائم لوقف إطلاق النار، وهذه العوامل تبلورت في مخرجات مؤتمر برلين الذي لم يكن سقف توقعات المستشارة الألمانية “أنغيلا ميركل” له عاليًا منذ البداية؛ ولذا يعدّ نجاحا بمعيار “ميركل” التي قالت إنها تسعى إلى اتفاق الدول المنخرطة على تفعيل قرارات حظر توريد السلاح ووقف إطلاق النار.
ويبقى السؤال الأهم، هل تنفذ مخرجات برلين فعليًّا على الأرض أو تذهب سدىً مثلها مثل المخرجات السابقة لمؤتمرات باليرمو وأبوظبي وباريس، خاصة بعد خرق عناصر حفتر المتكرر لوقف إطلاق النار؟