يواصل حفتر العصف بالاقتصاد الليبي بقراراته المتهورة التي لا تخدم إلا مصالحه في تمويل حروبه من أجل الوصول إلى سدة الحكم عبر قوة السلاح غاضًّا الطرف عن الكارثة الاقتصادية التي ستطال المواطن جراء هذا التهور.
الاقتصاد الليبي الذي بدأ يتعافى تدريجيا في العامين الأخيرين، مع عدم تسجيل أي عجز في موازنة عامي 2018 و 2019 ؛ بسبب ارتفاع صادرات النفط، وبدء تنفيذ حزمة الإصلاحات الاقتصادية التي ساهمت في تعافي الدينار الليبي وتوفير السيولة النقدية بالمصارف.
55 مليون دولار خسائر يومية
فبعد أن كبد الدولة الليبية ديونًا تجاوزت 35 مليارا وطباعته للعملة بطرق غير شرعية ـ أصدر حفتر أمرا سيكلف خزانة الدولة الليبية خسارة 55 مليون دولار يوميًّا، ونحو مليار و65 مليون دولار شهريًّا، وهو إغلاق الموانئ والحقول النفطية الواقعة تحت سيطرته.
قرار حفتر أجبر المؤسسة الوطنية للنفط على إعلان حالة القوة القاهرة إثر إيقاف نحو 800 ألف برميل يوميا، من موانئ الزويتينة وراس لانوف والبريقة والسدرة.
ديون حفتر 50 مليار
من جانبه، قال رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، إن الدين العام بالمنطقة الشرقية بلغ 50 مليارا، وإن مصرف التجارة والتنمية قد استنفد كل رصيده من أموال المودعين، مضيفا أن مصرفي الوحدة والتجاري الوطني شبه مفلسين وعلى وشك الانهيار.
وذكرت مصادر مطلعة أن الحكومة الموازية في البيضاء برئاسة عبدالله الثني اقترضت 35 مليار دينار ليبي من بنوك تجارية دون ضمان، وهو ما دفع البنك المركزي في طرابلس إلى استبعاد 3 بنوك من المنظومة المصرفية الإلكترونية.
وترى المصادر أن هذه الأرقام الضخمة أنفقت على تمويل عناصر حفتر بالأسلحة والذخائر والمعدات اللوجستية.
9 مليارات لحفتر
وبشهادة شاهد من أهلها ـ كشف محافظ مصرف ليبيا المركزي الموازي بالبيضاء علي الحبري، أن ثلث ميزانية الإنفاق التي اعتمدها المصرف في السنوات الثلاث الماضية، جرى تسييلها لفائدة لحفتر.
وأوضح الحبري أن حفتر تلقى 43% من ميزانية 2016 ، و27% من ميزانية 2017، و20% من ميزانية 2018 ، وأن مجموع ما أخذه في ثلاث سنوات بلغ قرابة 9 مليارات.
طباعة العملة في روسيا
ولأن النهج العسكري لحفتر دائما ما يحتاج إلى تمويل فقد قام البنك المركزي الموازي بالبيضاء بأوامر من حفتر بطباعة العملة في روسيا، وحصلت 10.8 مليارات دينار ليبي على موافقة جمركية روسية خلال السنوات الثلاثة الماضية، وفق رويترز، كما صادرت السلطات المالطية حاويتين من العملة الليبية كانتا متجهتين للمنطقة الشرقية.
ويذكر خبراء اقتصاديون أن طباعة العملة بدون غطاء كافٍ سيؤدي إلى نتيجة أساسية واحدة، هي ارتفاع الأسعار وتضخم الدينار الليبي ثم انهياره.
ويضيف الخبراء أن فقد الناس ثقتهم في العملة سيدفعهم إلى التخلص مما لديهم منها وشراء عملات أجنبية، وهذا سيؤدي بدوره إلى انخفاض قيمتها أكثر فأكثر حتى يحدث الانهيار الاقتصادي.
ويرى متابعون أن الاقتصاد الليبي بدأ يشهد مؤخرا لحظات تعافٍ بسبب حزمة الإصلاحات الاقتصادية التي أقرَّها المجلس الرئاسي والمجلس الأعلى للدولة والمصرف المركزي في طرابلس، لكن هذا التلاعب الخطر من حفتر وعناصره بمقدارت البلاد دون أي اهتمام بمصلحة الدولة والموطنين، من خلال طباعة العملة الموازية وإيقاف صادرات النفط ـ يزيد المخاوف من انهيار وشيك لكل ما جرى ترميمه طوال العامين الماضيين.