in

مؤتمر برلين.. أولى المعارك السياسية بعد الحرب

منذ الإعلان عنه، بدا مؤتمر برلين لأجل حل الأزمة الليبية غامضا، وما أن أطلت برأسها أم قشعم في الرابع من نيسان (أبريل) الماضي حتى تاه المؤتمر في تشعبات وتناقضات المواقف الدولية والإقليمية، بل وساد اعتقاد أن المبادرة الألمانية لاحتواء الأزمة قبرت وهي في المهد.

تركيا تدخل على الخط

دخلت أنقرة على خط الأزمة، وأسهم الضغط التركي والحراك السياسي والعسكري الذي أطلقته أنقرة في إيقاظ النائمين وتنبيه الغافلين وإحراج المتآمرين، فانتعش برلين، وعادت الدبلوماسية الألمانية للنشاط، وتم الإعلان عن موعد المؤتمر بشكل عاجل، وفي موعد قريب من تاريخ الإعلان.

لاحظ أن المؤتمر الذي كان من المقرر أن يُعقد في تشرين أول (أكتوبر) الماضي تأجل وسط تكهنات أن يلتئم في كانون أول (ديسمبر) الماضي ثم في كانون ثاني (يناير) الجاري ثم في شباط (فبراير) المقبل، واندلعت الحرب فصار الحديث عن مؤتمر التسوية السياسية في مهب الريح.

أثر الضغط التركي ظهر جليا على المؤتمر من ناحية المدعوين الذي مثلوا في نسخة المؤتمر الأولى كل الدول الداعمة لحفتر، أو التي اتخذت الحياد السلبي مسلكا، والحجة في حجب دول كقطر وتونس والجزائر هي معالجة النزاع عبر التواصل مع المتورطين في الأزمة، فكان أن غيرت السلطات الألمانية القائمة وضمت إليها الجزائر التي أعلنت أن العاصمة طرابلس خط أحمر.

أسهم الضغط التركي والحراك السياسي والعسكري الذي أطلقته أنقرة في إيقاظ النائمين وتنبيه الغافلين وإحراج المتآمرين

المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل استبقت المؤتمر بتصريح متشائم بقولها إنها لا تتوقع نتائج مهمة من المؤتمر، وتركيزها اتجه إلى مسألة التدخلات الخارجية وضرورة وقف الدعم العسكري الخارجي، ومع تفهمي لمخاوف ميركل والتي تتأسس على قلق اتساع النزاع ليصبح حربا إقليمية أو دولية، لكن يحسب على الأطراف الدولية والأوروبية منها غضها الطرف عن الدعم المهول الفرنسي والروسي والإماراتي والمصري الذي امتد لسنوات لصالح حفتر.

أيضا تشعر العواصم الأوروبية التي عجزت أن تفعل الحد الأدنى من الفعل المطلوب حيال العدوان على العاصمة بأن السياسة التركية تجاه الأزمة الليبية قد قفزت عن كل ما هو تقليدي وتجاوزت الارتباك الأوروبي ووضعت موسكو وأنقرة في مكان متقدم بعد مبادرة وقف إطلاق النار الذي برغم رفض حفتر التوقيع على أجندته إلا إنه ما يزال قائما وكان الخطوة المهمة لإعادة الحياة لمؤتمر برلين.

التوافق التركي-الروسي

إذن سيكون من الطبيعي أن يركز الأوروبيون في المؤتمر على تأكيد تموضعهم الحيوي في إدارة الملف الليبي، وهو أمر متعذر إذا استمر الوضع على ما هو عليه من تفرق في الموقف بين العواصم الأوروبية وعدم القدرة على تقديم بروكسيل، عاصمة الاتحاد، على توجهات وخيارات العواصم الأوروبية، خاصة باريس وروما، وأيضا لتأثير الأطراف الخليجية الداعمة لحفتر عليها.

التفاهم المبدئي الروسي التركي فعل في أيام ما عجز الأوروبيون عن فعله خلال تسعة أشهر ويمكن في حال مشاركتهما في المؤتمر بأجندة واحدة أو متقاربة أن يقطعا الطريق على خطط فرنسا والأطراف الإقليمية الداعمة لحفتر.

التقاطعات والمصالح بين روسيا وتركيا يمكن أن تعزز من توافقهما على حساب مساعي الاستحواذ الأوروبية، بالمقابل فإنه من غير اليسير الجزم بنوايا موسكو، وأيضا كيف تقدر تركيا مصالحها في ليبيا بجانب ارتباطاتها مع روسيا.

التفاهم المبدئي الروسي التركي فعل في أيام ما عجز الأوروبيون عن فعله خلال تسعة أشهر

ما هو جلي في نظري أن ربط ليبيا بمصالح تركيا في غاز شرق البحر المتوسط سيجعل الموقف التركي متصلبا حيال خطط الاستحواذ على القرار الليبي من خلال إضعاف حكومة الوفاق وتقوية حفتر وجبهته، وأن السبيل الوحيد لوقف الدعم التركي للوفاق هو الفصل بين الملفين باتفاق شرق متوسطي حول خزان الغاز الضخم.

وعليه فإن المؤتمر سيتسم بروح عدائية أو تحفظ على السياسة التركية واتفاقها الأمني والعسكري مع حكومة الوفاق ويمكن أن يظهر ما يحرج حكومة الوفاق أو يهدد شرعيتها، غير أن الحد الأدنى من التوافق التركي الروسي كفيل بتقويض تلك المساعي.

الكاتب : السنوسي بسيكري

المصدر : موقع عربي 21

كُتب بواسطة ليلى أحمد

بعد تعطلها 7 أشهر… شركة الكهرباء تعلن تشغيل الوحدة الثالثة بمحطة الزاوية

الرئاسة المصرية: نؤمّن حدودنا مع المنطقة الشرقية وحدنا، ونطالب بتوزيع عادل للثروة