يعتبر الفيل الأبيض لدى شعوب شرق آسيا حيوانا ذا خصوصية واحترام وتقديس، ومن يمتلك الفيل الأبيض يصبح ذا مكانة رفيعة وهو في نفس الوقت ابتلاء عظيم بسبب التكاليف المرتفعة لرعايته فهو مقدس ولا يمكن أن يَجُرّ أي منفعة اقتصادية مثل الأفيال الأخرى غير البيضاء.
المؤسسة الليبية للاستثمار ليست ببعيدة عن صفات و خصائص الفيل الأبيض، فالدولة الليبية أضفت عليها هالة قدسية وجمعت تحت عباءتها كل الأصول و الاستثمارات بالخارج لتكون ذراعا استثماريا للأجيال القادمة ويحال لها فائض عوائد النفط لتعظيم قيمتها دوريا .
هذا الفيل الأبيض العملاق على ما يبدو أنه أنجب أفيالا أخرى بيضاء وصلت إلى أكثر من 500 فيل أبيض صغير، ولا نعلم نحن ملاك هذه الأفيال عنها شيئا سوى أنها مقدسة ولا تُسأل عما تفعل وتكلفنا كل يوم ثمنا باهظا وبدون أي فائدة، ضاعت الاستثمارات وتاهت إدارة المؤسسة بين ضعف الإدارة وتلهف الطامعين فيها.
ربما المصلحة الوحيدة التي يحققها الفيل الأبيض هي عندما يعرض في السيرك ويقوم ببعض الحركات ويصفق له المتفرجون، وهو تماما ما تقوم به حكومة الوفاق فهي صاحبة السيرك القومي الليبي.
تحاول إدارة المؤسسة أن تغسل جلدها علّها تتخلص من لونه الأبيض بادعاء أنها تطبق قواعد وأنظمة الحوكمة، ولكنها لم تخبرنا عن أي نظام حوكمة تتبع أو تطبق تلك التي أوصلتنا إلى ما هي عليه من إهدار منقطع النظير، وعشش الفساد في أروقتها ووزعت المناصب فيها تبعا للولاءات وليس الكفاءات، وزاد الأمر سوءا مؤخرا مطالبات فريق خبراء الأمم المتحدة بتجميد كافة الأصول سواء النقدية أو غيرها وذاك لمنع التصرف في هذه الأصول خوفا من التصرف فيها .
سيبقى فيلنا الأبيض يأكل من ثروة الأجيال القادمة ولا يمكنه أن يتحرك قيد أنملة ما دام الوضع كما هو عليه، ستذهب محاولات إعادة إحياء اتفاقات قديمة لإدارة المؤسسة أدراج الرياح طالما لم يتم إبعاد الفاسدين والمعارف والموثوق في ولائهم وعديمي المعرفة والخبرة بالاستثمار، وأن يكون لها مجلس إدارة محترف ومجلس أمناء مستقل عن الحكومة وليس برئاسة وعضوية مجلس الوزراء، عندها فقط يمكن أن نقتنع أن الفيل الأبيض لم يعد له مكان فيها.
المصدر- الصفحة الشخصية لسليمان الشحومي