بعد أن شن خليفة حفتر عدوانه على العاصمة طرابلس في مطلع أبريل الماضي لفرض حكمه العسكري والفردي والشمولي ـ أعلن المجلس الرئاسي تحرك الجيش الليبي لحماية العاصمة من بطشه وعدوانه الذي تسبب في مقتل المئات من المدنيين وتشريد الآلاف من العائلات، وتدمير المنازل والبنية التحتية.
العديد من الدول التي دعمت حفتر في بداية عدوانه بدأت تعيد حساباتها عندما ظهر تراجعه الملحوظ في الميدان، وصارت تدعو إلى العودة إلى الحوار بعد أن كانت تدعم حفتر في الخفاء بالأسلحة والذخائر والطيران؛ ظنًّا منها أن الحل العسكري في ليبيا سيوصلها إلى مبتغاها.
بدأ رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج القيام بدور أكبر واتخاذ إجراءات سريعة حيال عدوان حفتر، والوقوف بقوة أمام الدول الداعمه له، ومطالبتها بإيقاف دعمها والوقوف إلى جانب الشعب الليبي الذي يريد إقامة الدولة المدنية الديمقراطية التي قامت من أجلها ثورة السابع عشر من فبراير.
البعثة تغير لهجتها مع حفتر
كما تغيّرت لهجة البعثة الأممية في التعاطي مع حفتر وعناصره، وهي التي دائما ما كانت تصف عناصره بـ “الجيش الليبي الوطني” وحفتر بـ “المشير”، ولكن بعد مرور قرابة 100 يوم على عدوانه على طرابلس، وتيقنها من قصف عناصره للمدنيين وقتلهم للأطفال ـ باتت البعثة تصف حفتر بـ”اللواء” و عناصره بـ ” قوات اللواء حفتر”، وتطالبه بوقف الحرب والعودة إلى الحوار السياسي وتؤكد أنه الحل الوحيد للخروج من الأزمة الليبية من خلال مؤتمر برلين الذي سيعقد برعايتها.
تحرك أمريكي
نشرت وسائل إعلام تابعة لحفتر أخبارا بأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعطى الضوء الأخضر لحفتر لبدء هجومه على طرابلس، ولكن بعد نحو 4 أشهر وازدياد الخسائر التي نزلت بحفتر على يد الجيش الليبي ـ عيّن ترامب سفيرا لبلاده في ليبيا مصادقا عليه من مجلس الشيوخ.
السفير بدأ مهامه بدعوته للحوار، وأكد أن الولايات المتحدة الأمريكية ستشارك في الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة لإيجاد حل سياسي للأزمة ووقف إطلاق النار، وأن لا حل عسكريا للأزمة الليبية.
الكونغرس يستبعد الحل العسكري
وفي السياق نفسه، رأى أعضاء الكونغرس الامريكي أن هجوم حفتر على طرابلس فاقم الأزمة وتسبب في تشريد وقتل ونزوح الآلاف، مطالبين بمحاسبته باعتباره مواطنا أمريكيا، وارتكب جرائم ترتقي إلى جرائم حرب يحاسب عليها.
من ناحيته، قال عضو الكونغرس “توم مالينكوسي”، إن حفتر يلعب دورا “خبيثا”، وعلي الكونغرس أن يرسل رسالة إلى وزارة العدل للتحقيق في جرائمه، مؤكدا أن حفتر يدّعي مكافحة الإرهاب بيد أن هدفه الرئيسي هو الاستيلاء على السلطة .
تخلّي الداعمين عن الحل العسكري
في ظل الفشل العسكري لعناصر حفتر في مقابل صمود الجيش الليبي سحبت بعض الدول دعمها له، فقبيل اجتماع جمعية الأمم المتحدة رحب حفتر، في بيان له، بالعودة إلى الحوار والعملية السياسية والوحدة الوطنية الشاملة.
وفي تغيير آخر واضح في الموقف، نرى مصر تقوم باجتماعات مع نواب طبرق تدّعي فيها أنها تسعى إلى العودة إلى الحوار، وعقد مؤتمر يشمل الليبيين في أي مدينة ليبية، في حين أن الليبيين كانوا يتطلعون قبيل هجوم حفتر الغادر بأيام إلى الملتقى الوطني الجامع الذي كان من المقرر عقده في مدينة غدامس.
السراج والاتهام الصريح
رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج أكد، في كلمته باجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، أن لا وجود لحفتر في أي عملية سياسية قادمة، وأنه لن يكون طرفا في الحوار، وأن الجيش الليبي مستمر في صد عدوانه ومحاربته لإرجاعه هو وعناصره إلى حيث أتى.
السراج، وفي تغير واضح للهجة، اتهم صراحةً دول الإمارات وفرنسا ومصر بدعم حفتر في عدوانه على طرابلس، مطالبا المجتمع الدولي باتخاذ موقف حازم حيال التدخلات في الشأن الليبي.
الخارجية بين القوة والضعف
عند بدء حفتر عدوانه على العاصمة كانت مواقف الخارجية الليبية تتسم بالضعف، وقد تعرضت لكثير من النقد لاتخاذ مواقف أقوى ورادعة تجاه الدول التي تدعم حفتر، لنرى بعد فترة تغيرا واضحا في بيانات الخارجية ومطالبتها صراحةً للبعثة الأممية والمجتمع الدولي ومحكمة الجنايات الدولية والمنظمات الدولية ـ بمحاسبة حفتر على جرائمه في طرابلس، و محاسبة الدول التي تدعم حفتر بالمرتزقة والأسلحة، وتقديم مرتكبي الجرائم بحق المدنيين إلى العدالة في أقرب وقت.