في كل أنظمة العالم الديمقراطية التي ترنو للحرية والعدالة يفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية، ولكل منها مهامها التي لا تتداخل مع غيرها من مؤسسات الدولة ـ إلا في ليبيا التي ابتليت بأطراف تريد العودة بالبلاد للوراء، وتريد أن تتحكم وحدها في كل الشؤون، دون أي حساب لباقي السلطات إن رضيت بوجودها أصلًا.
حفتر ومنذ انقلابه على الشرعية في 2014 يحاول فرض نفوذه على الشعب الليبي، ويسعى لأن تدور كل السلطات، ومنها التشريعية والتنفيذية، في فلكه وتأتمر بأمره.
وما يحدث من عجز حاصل في المؤسسة التشريعية في ليبيا جراء سيطرة العسكر عليها ممثلين في خليفة حفتر ـ دليلٌ على انحراف المؤسسة العسكرية وانقلابها على الشرعية وعلى تضحيات الليبيين في 2011.
عدد من أعضاء مجلس النواب اجتمعوا في العاصمة المصرية القاهرة بطلب من الحكومة المصرية، وبتحريك مباشر من خليفة حفتر الذي يحاول بطرق أخرى بعد أن عجز عن السيطرة على العاصمة طرابلس بسبب تضحيات أفراد الجيش الليبي.
بيان النواب من القاهرة لم يكن الأول، فقد سبق للنواب أن اجتمعوا فيها سابقا، وذكروا أن اجتماعهم جاء في ظروف جعلت من الصعب على مجلس النواب العمل بشكلٍ طبيعي، خصوصًا مع تزايد الضغوط التي تمارس للسيطرة على إرادته، ومحاولات تقسيمه لإفشاله، وفق البيان.
ومن متناقضات بيان نواب طبرق تعبيرهم عن تضامنهم مع النائبة سهام سرقيوة وعائلتها، ومطالبتهم الأجهزة الأمنية بتكثيف الجهود للإفراج عنها، متناسين أن من غيب سرقيوة واعتدى على أسرتها هو حفتر نفسه، أو بعلمه؛ لأنه المتحكم الوحيد في شؤون المنطقة الشرقية وبنغازي خاصة.
ما يسمونها القيادة العامة أتبعت بيان نواب طبرق ببيان رحبت فيه بالاجتماع وشكرت مصر على مواقفها، في تعدٍّ صارخ على المؤسسة التشريعية التي تنضوى تحتها وتدخل واضح في شؤون غير شؤونها.
وهذا يوضح ويؤكد أن بيان نواب القاهرة جاء وفق السياق المعدّ لهم من حفتر وحده.