يُعاني أهالي مدينة تاورغاء من انتشار داء اللشمانيا، وسط مطالبات بضرورة الاهتمام بالمكافحة البيئية وعلاج مشكلة مياه الصرف الصحي.
وسجل مستشفى تاورغاء العام والوحيد بالمدينة قرابة 500 حالة جديدة مصابة بـ “اللشمانيا”؛ مما جعله يطلق نداء استغاثة لجميع الأطباء في ليبيا لمد يد العون وعلاج الحالات المصابة بالمستشفى.
جهود الوقاية
لم تكن أسرة “الصديق شعبان” على علم بإصابة ابنها “أبوبكر” ذي الأحد عشر عامًا بداء اللشمانيا، حتى وقع من على دراجته التي يلهو بها في محيط منزلهم، هكذا يقول والد الطفل.
وأضاف “شعبان” للرائد “أبلغوني في المستشفى بوجود تقرحات اللشمانيا بقدمي ابني، وبدؤوا في علاجه على الفور، مُشيراً إلى أنه قد اكتوى بداء هذا المرض قبل ابنه، وأنه يبذل جهودا ذاتية لمنع تسرب المرض إلى منزله، لافتا إلى أنه منع ابنه من الالتحاق بالدراسة حتى تماثله للشفاء.
الجميع مستهدف
أما الفريق الطبي العامل بمستشفى تاورغاء العام فلم يكن أحسن حالًا فقد أصيب بالمرض “محمد عبد البشير” وهو ممرض خمسيني ذو أصول بنغلاديشية.
وتحدث “عبد البشير” للرائد متحسسًا قدمه المصابة بالداء “اعتمدت على نفسي في علاج المرض، وتناولت جرعة من المضاد الحيوي”، مضيفًا أنه أصيب في بطنه أيضاً، وأنه سيضطر إلى حقن قدمه وبطنه بحقنة “البينتوستام”.
واختتم حديثه بابتسامة “حالي أفضل من قبل إن شاء الله، ولن أخبر أسرتي في بنغلاديش قبل أن أتماثل للشفاء”.
جهود إضافية
ويبذل الفريق الطبي بمستشفى تاورغاء العام جهودًا إضافية لمجابهة المرض، فقد طبع منشوراً توعوياً يتضمن معلومات عن المرض وطرق الوقاية منه ومكافحته، وهو ما رأت فيه الممرضة بالمستشفى “نادية عبد النبي الرقيعي” خطوة مهمة تساعد الأهالي على حماية أنفسهم.
وقالت “الرقيعي” بثقة، “في الوقت الذي نقدم فيه العلاج للمصابين فإننا نطالبهم بأهمية تنظيف محيط منازلهم وسداد أغطية تصريف المجاري بشكل جيد، والابتعاد عن النوم على أسطح المنازل”.
وأشارت إلى قيامها وزميلاتها بالمستشفى بعمليات تطهير يومي للمترددين على المستشفى؛ لمنع العدوى وانتشارها داخل الجسم، دون أن تخفي حاجتهم إلى مزيد من الدواء لعلاج المصابين باللشمانيا؛ لأن الدواء المتوفر لا يكفي الحالات الموجودة، وفق قولها.
الدواء لا يكفي
يتفق مدير مستشفى تاورغاء العام الدكتور “محمد غويلة” مع سابقته، ويرى أن الدواء الذي يوفره المركز الوطني لمكافحة الأمراض لا يكفي أعداد المرضى الذين يفدون إليه، مشدداً على ضرورة الاهتمام بالمكافحة البيئية كخطوة أولى.
وأوضح “غويلة”، في حديثه للرائد، أن 800 مصابًا بداء اللشمانيا استقبلهم مستشفاه خلال الموسم الحالي حتى الآن، مؤكدًا أن العدد تجاوز ضعف عدد الحالات التي استُقبلت خلال الموسم الماضي كاملًا.
وأشار إلى أنهم لم يتمكنوا من إيواء الحالات التي تحتاج إلى ذلك لعدم وجود إيواء بالمشفى، محذرًا مما أسماه بـ”الانفجار الوبائي” للمرض نتيجة وجود المخلفات ومياه الصرف الصحي التي ينتشر بها ذباب الرمل والفئران الناقلة للمرض.
المحلي يخلي مسؤوليته
وأخلى رئيس المجلس المحلي لتاورغاء “عبد الرحمن الشكشاك” مسؤوليتهم من انتشار المرض في تاورغاء، وقال إن مجلسه طالب منذ بدء عودة السكان برفع كل المخلفات وإغلاق الحفر الموجودة في المدينة التي تعدّ عاملا مساعدا في انتشار المرض.
وتوقع “الشكشاك”، في حديثه للرائد، أن تقوم حكومة الوفاق الوطني خلال هذه الأيام بتكليف شركة تتولى نقل المخلفات من المدينة، مؤكدًا أن ذلك سيسهم في القضاء على اللشمانيا داخل تاورغاء.