الى أي مدى تنتشر ظاهرة الأرق، ما هي أسباب الأرق وما علاقة السيروتونين بها؟ جميع الأجوبة وأيضا نهج العلاج الطبيعي، الذي يقدم طرق بديلة للتعامل مع الأرق، في هذا المقال.
الأرق هو اضطراب النوم الأبرز والأكثر شيوعا من بين اضطرابات النوم المتنوعة. فهو يشمل صعوبة النوم (Nitial insomnia), كثرة الاستيقاظ في منتصف النوم (Middle insomnia) والاستيقاظ المبكر في الصباح وعدم القدرة على النوم مره أخرى (Terminal insomnia).
النوم هو أمر بالغ الأهمية للأداء اليومي، للحالة المعرفية, العقلية, النفسية والفسيولوجية. تحدث خلال النوم العديد من العمليات الهامة، بما فيها إفراز هرمون النمو الذي من بين وظائفه تحفيز تجدد الأنسجة والتمثيل الغذائي. الأرق أو النوم المنغص يؤدي الى تسارع شيخوخة الدماغ. بالإضافة إلى ذلك، فإن الأرق يرتبط بزيادة الوزن, أمراض القلب والسرطان. وقد وجدت علاقة بين انخفاض متوسط العمر وبين قلة النوم، زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب وكذلك مشاكل في الذاكرة، الضغط, الاكتئاب، زيادة خطر حدوث الاصابات وغير ذلك.
المرحلة الأولى من النوم تدعى نوم Non REM, وتنقسم إلى أربع مراحل، بدءا من النوم الخفيف الذي يصبح أكثر وأكثر عمقا. هذه المرحلة هي أطول مرحلة وتتميز بحركات بطيئة للعينين، استرخاء العضلات، تغيرات في موجات الدماغ وانخفاض في نشاط الدماغ. مرحلة النوم الثانية هي نوم ال- REM والمسماة أيضا “نوم الحلم”، لأن هذه هي مرحلة الأحلام. هذه المرحلة قصيرة نسبيا وترافقها حركات العينين السريعة .
هاتان المرحلتان معا تكملان دورة النوم الكاملة التي تكرر نفسها طوال الليل، والتي تشمل 4-6 دورات كهذه. النسبة بين المرحلتين تتغير، بحيث كلما اقتربت نهاية الليل فان نوم ال- REM يصبح أطول. الناس الذين ينامون أقل من ست ساعات تضرر لديهم المقدرة المعرفية, العاطفية والجسدية، لأن النتيجة هي تدني الذاكرة, الميل الى التغيرات المزاجية وإضعاف الجهاز المناعي.
10 ٪ 15 ٪ من الأشخاص يعانون من الأرق المزمن ونصف الأشخاص يعانون من الأرق المؤقت في مرحلة ما من حياتهم. الأرق يمكن أن يحدث لأي شخص وفي أي سن، وليس فقط لدى البالغين وكبار السن.
أسباب الأرق
من أسباب الأرق المزمن ممكن أن تكون الأمراض مثل فرط الغدة الدرقية، نقص السكر في الدم، المشاكل النفسية, الاكتئاب والقلق، التوتر، الإجهاد، الضغط النفسي، الأزمة النفسية، الصدمات النفسية، الألم، ألم في الساقين أو الرأس، توقف التنفس أثناء النوم، مشاكل في الجهاز التنفسي، قصور القلب، السعال، وكذلك.
استخدام الأدوية، والتي هذه هي واحده من الاثار الجانبية المحتملة لها.
استهلاك الكافيين، المخدرات، التدخين والكحول.
أنواع أعمال معينة التي قد تبدل وتخلط اليوم بالليل. كثيرا ما يعانون من اضطرابات النوم العمال الذين يعملون في الليل مثل الطيارين، المضيفات والنوادل – فهذه تضر بدورة النوم .
تغير حالة الطقس، تغيير الروتين اليومي، تغيير مكان السكن و / أو العمل، بيئة نوم غير مريحة الافكار المقلقة، الشعور بالذنب والتأنيب الذاتي .
السيروتونين وأسباب الأرق
السيروتونين هو ناقل عصبي في الدماغ ومسؤول عن الحالة المزاجية. عندما يكون مستواه منخفضا فقد نشعر بالاكتئاب والميل الى الانتحار، الأرق، اضطرابات الأكل والعدوانية. السيروتونين لا يعمل وحده في الحفاظ على توازن الجهاز العصبي، وهناك هرمونات أخرى, مثل الدوبامين، والتي تعمل معه. فقد وجد في بعض الأحيان، أن مستويات السيروتونين لدى النساء قبل حدوث الطمث تكون منخفضة. هذا يمكنه بالطبع أن يفسر العصبية, العدوانية والرغبة في تناول الحلويات التي تذكرها العديد من النساء.
السيروتونين لا يمكن الحصول عليه من الغذاء لأنه لا يصل إلى الدماغ، لذلك يجب الحرص على استهلاك المواد الخام التي يمكن أن يتكون منها السيروتونين. بشكل عام، فالجلوكوز ( الذي يتم الحصول عليه من أكل الكربوهيدرات ) يمكن أن يجتاز حاجز الدم في الدماغ – Blood Brain Barrier – BBB- ويساعد على امتصاص التربتوفان الذي يتحول في الدماغ الى السيروتونين، الميلاتونين وحتى لفيتامين. B3
حصار أسباب الأرق
يفضل الحفاظ على التهوية في غرفة النوم، الظلام وبالطبع الهدوء
التربتوفان هو حمض أميني يحفز النوم وضروري لإنتاج السيروتونين في الجسم. من دون التربتوفان فان مستوى السيروتونين ينخفض. لكي يتحول التربتوفان الى السيروتونين فنحن بحاجة أيضا إلى فيتامين B6 . الجسم لا يعرف أن ينتج التربتوفان ولذلك يجب أن نحصل عليه من الغذاء.
الوجبة البروتينة تحتوي على أنواع كثيرة من الأحماض الأمينية التي تتنافس مع التربتوفان على الامتصاص في الجسم. هذه المشكلة يمكن حلها جزئيا عن طريق اختيار الأغذية الغنية أكثر بالتريبتوفان ودمجها مع الكربوهيدرات المعقدة التي تساعد على امتصاصها. بالإضافة إلى ذلك، فالأنسولين الذي يفرز عند تناول الكربوهيدرات، يساعد في الحفاظ على التربتوفان وعلاوة على ذلك فان الكربوهيدرات المعقدة، ذات المؤشر الجليكيمي المنخفض، تمنع حدوث زيادة حادة في مستويات السكر في الدم ( وهذا الأمر في حد ذاته قد يضر بالنوم ).
أسباب الأرق: العلاج التقليدي
يفترض بالعلاج التقليدي أن يفحص أسباب الأرق وملائمة العلاج المناسب. إذا كانت هناك مشكلة صحية, أو الام تشكل السبب، فيتم علاجها بواسطة الأدوية وبشكل غير مباشر فان ذلك ينهي الأرق. إذا تضرر النوم نتيجة لأخذ الأدوية، فيجب تغيير الدواء أو تغيير الجرعة وموعد اخذها.
في كثير من الأحيان يتم اعطاء الحبوب المنومة. وهذه تساعد على النوم ولكن النوم يصبح سطحي، لأن الحبوب تضر في نوم ال- REM العميق والحيوي. يتطور التعلق بالحبوب ومن ثم نضطر إلى رفع الجرعة للحصول على نفس التأثير. يوجد لها اثار جانبية مزعجة مثل النعاس في النهار، تقلب في الحالات المزاجية، صعوبة التركيز، مشاكل في الذاكرة وغير ذلك.
نهج العلاج الطبيعي
إذا كان ذلك مرض فينبغي التعامل معه وعلاج مصدر المشكلة. على سبيل المثال، إذا كان هناك نقص في السكر في الدم، فمن المهم خلق توازن في مستويات السكر في الدم عن طريق التغذية السليمة، إذا كان هناك توقف في التنفس أثناء النوم، ففي كثير من الحالات قد يقضي خفض الوزن على هذه الظاهرة تماما. أيضا في المجال الجسدي – النفسي يمكن للمعالج الطبيعي أن يساعد بواسطة تقنيات الاسترخاء، التنفس، التأمل, التصور الموجه وغير ذلك.
التغذية وأسباب الأرق
من الناحية التغذوية يجب الاهتمام بعدة عوامل : رفع مستوى السيروتونين في الدماغ. فبواسطة التغذية يتم رفع مستويات السيروتونين في الدماغ والمساعدة بذلك على النوم. الكربوهيدرات تلعب دورا هاما هنا لأنها تساعد على جلب حمض التريبتوفان الأميني إلى الدماغ وتحويله الى سيروتونين. يمكن الحصول على التربتوفان من الأطعمة مثل دقيق الشوفان، القمح الكامل وجنين القمح، الكاجو، الأفوكادو، الموز، البطاطا الحلوة، الصويا، الأسماك ( وخاصة من المياه العميقة )، المأكولات البحرية وغير ذلك.
بالإضافة إلى ذلك، يجب التأكد من أن الجسم يحصل من الغذاء على كمية كافية من الفيتامينات من المجموعة B بما في ذلك B12 , الكالسيوم, البوتاسيوم, المغنيسيوم والزنك. فهذه مهمة جدا للجهاز العصبي والقدرة على استرخاء العضلات ومنع تقلصها.
التقليل من الأطعمة المحفزة والمنشطة.
نقص التغذية. فقر الدم، والذي يمكن أن ينشأ بسبب نقص الحديد, يمكن أن يكون أيضا من أسباب الأرق.
ساعات الأكل. تناول الطعام في ساعات متأخرة يمكن أن يفيد أو يضر بالنوم. هذا الأمر فردي: إذا كان الشخص يعاني من نقص السكر في الدم، فمن المهم أن يأكل شيئا خفيفا قبل النوم للحفاظ على مستويات متوازنة للسكر والحد من مخاطر هبوطها في الليل. إذا هبطت مستويات السكر، فان الجسم يفرز مواد منشطة ويضر بالنوم. أيضا تناول وجبة كبيرة قبل وقت قريب من النوم يمكن أن يضر بالنوم, لأن الجهاز الهضمي يرتاح بالليل وأجهزه أخرى تنشط أكثر. إذا تناولنا وجبة ثقيلة قبل النوم فالجسم يبقى مشغولا في هضم الطعام، الأمر الذي يأتي على حساب الأجهزة الأخرى.
توجيه التغذية للأطعمة التي ترفع مستويات السيروتونين – الأكل الحكيم للكربوهيدرات ذات المؤشر الجليكيمي المنخفض، الكربوهيدرات المعقدة ، الكاملة, الصحية والتقليل من الأطعمة المصنعة.
ممارسة الرياضة
النشاط البدني مهم ليس فقط لخفض الوزن وتحسين الحالة المزاجية. فهو يساعد على النوم بشكل أسرع, أن نكون هادئين أكثر ونكون أقل قلقا. يجب الحرص على عدم ممارسة الرياضة في وقت قريب من موعد النوم وانما قبل ثلاث ساعات على الأقل، وإلا فلن تستطيعوا النوم – عند ممارسة الرياضة يقوم الجسم بإفراز مواد منشطة ومحفزه .
علاج أسباب الأرق بالأعشاب الطبية
البسيفلوره أو الماراغويا، حشيشة الهر، Scutallaria، الجنجل Humulus (ليست جيدة في حالات الاكتئاب ) بالإضافة الى العديد من النباتات التي تساعد في علاج الأرق. من المهم معرفة التركيبة الشخصية المناسبة، الجرعة المناسبة لكل شخص تبعا لحالته, عمره وغيرها من المشاكل الموجودة لديه.
تشجيع النوم وفقا للنهج السلوكي-المعرفي – نظافة النوم (Sleep Hygiene)
من المهم الحفاظ على ساعات ثابته للذهاب إلى الفراش بنية النوم ( حتى لو لم ننام ) وعلى ساعات ثابتة للاستيقاظ في الصباح. هذا الروتين يجب أن يشمل عطلة نهاية الأسبوع، من أجل عدم ارباك الجسم. مع مرور الوقت يتعلم الجسم الشيء الذي نحاول أن نعلمه اياه والنوم يصبح أسهل أكثر وأكثر. من المهم أيضا عدم النوم أكثر من اللازم. إذا لم نتمكن من النوم بعد نصف ساعة، فيجب تكرار طقوس النوم ثانية.
عدم الذهاب الى النوم جائعين. فهذا قد يؤدي إلى انخفاض مستوى السكر في الدم مما يؤدي الى أن يفرز الجسم المواد المنشطة. الوجبات الثقيلة غير مرغوب فيها وتصعب عملية النوم، يوصى باختيار حبة من الفاكهة، عصيدة دقيق الشوفان أو تناول حبة من النقارش الصحية.
امتنعوا عن شرب الكحول, التدخين والكافيين. من المعروف أن الكحول يضر بنوعية واستمرارية النوم. فإنه قد يسبب النعاس ولكن النوم نفسه يكون متقطع. النيكوتين والكافيين هي مواد منبهة .
بيئة النوم. هناك أهمية هائلة لمكان، غرفة وسرير النوم. إذا كنتم لا تحبون غرفة النوم، اذا كانت غير مريحه لكم، فمن المهم تغيرها. في كثير من الحالات، فان ترتيب الغرفة، إزالة كل ما تحت السرير، بما في ذلك تفريغ كل محتويات خزانة الفراش، يحسن النوم. من المهم أن تكون الفرشة والوسادة مريحة – الوسادة المريحة هي أمر مصيري للنوم الجيد.
كجزء من بيئة النوم المريحة، يفضل الحفاظ على التهوية, الظلمة وبالطبع الهدوء في غرفة النوم. إذا كان لديكم جيران مزعجين، إذا كانت الطيور والصراصير تصدر الضوضاء في الليل – غيروا اتجاه السرير والصقوه بالحائط البعيد عن مصدر الصوت. على أي حال، فإن استخدام سدادات الأذنين تكون دائما فعالة. إذا لم يكن لديكم ستائر جيدة فيمكنكم تثبيت ستارة محكمة الاغلاق.
لا تنظروا الى الساعة ولا تحاولوا تخمين الوقت.
تجنبوا الملاحق الغذائية المنبهة, مثل الجينسنغ، الجنكه بيلوبا، دميانا، Q10، فيتامين C، مضادات الأكسدة وغير ذلك. إذا كنتم غير متأكدين من تأثير أي شيء تأخذونه، للاحتياط لا تأخذوه في المساء. لا نقصد هنا الملاحق المعدة للمساعدة على النوم، والتي من المستحسن أن تأخذ بالقرب من موعد النوم.
المصدر _ طب ويب