في حادثة غريبة من نوعها استيقظ أهالي مدنين التونسية على خبر هبوط طائرة حربية ليبية في إحدى طرق المنطقة دون أن تتحطم أو تصيب أحدا بضرر هناك، وتسليم قائدها نفسه إلى السلطات التونسية.
وعند تسليم الطيار “فرج الغرياني” نفسه إلى السلطات التونسية نقلت وسائل إعلام من هناك أن الطيار اضطر إلى الهبوط بعد حدوث خلل في أجهزة الملاحة الجوية للطائرة ونفاد مخزونه من الوقود مما أجبره على الهبوط بها في مدنين بعد أن ظل طريقه وهو متجه إلى قاعدة الوطية الجوية القريبة من الحدود الليبية التونسية.
ونقلت وسائل إعلام أخرى أن الطيار ادعى في البدء تبعيته لحكومة الوفاق قبل أن يعود عن ذلك ويعترف بتبعيته لحفتر، وأخرى نقلت نبأ انشقاقه ورفضه أوامر بقصف قوات الجيش الليبي.
وهذه الرواية التي أدلى بها الطيار كان لخبراء وطيارين عسكريون شكوك حولها، فبعضهم أكد أن هذه الرواية لا تمت للحقيقة بصلة، وأن الطيار انشق أو هرب إلى تونس رافضا الأوامر الصادرة له من قيادته بالرجمة.
الطيار كان هاربا
الخبير العسكري عادل عبد الكافي رأى أن العقيد الذي هبط بالطائرة في منطقة مدنين التونسية هارب إلى تونس، و”نظريتي تعتمد على أن الطيار عادة قبل أن يقلع بطائرته يعدّ خط سيره معتمدا على الخريطة والموقع المراد الوصول إليه مع حساب المسافات والارتفاعات والسرعة والوقود وسرعة الرياح ليدرجها في أجهزة الملاحة الخاصة بالطائرة ثم يقلع بطائرته للوجهة المقصودة”.
وأوضح عبد الكافي، في تصريح للرائد، أنه إذا تعطلت أجهزة الملاحة الجوية فهناك أجهزة استرشادية داخل الطائرة منها NDB – DME -VOR مع استخدام الطيران البصرى مع الانخفاض فى الارتفاع وتقليل السرعة، خصوصا أنه كان يطير صباحا، مؤكدا أن العقيد هو طيار قديم، ولديه خبرة يستطيع بها أن يصل إلى جهته.
وبيّن عبد الكافي أن سبب عدم إلقاء الطيار للقنابل هو وجود عائلته فى مناطق تحت القبضة الأمنية لحفتر وحتى يصدق حفتر روايته، فلو كان ألقى القنابل داخل الأراضي الليبية فهذا يعني أنه هارب ويعرف وجهته جيدا، أما عن نفاد الوقود فقد كان لديه ما يكفي من الوقود للبحث عن طريق معبد في عمق 100 كيلومتر داخل الأراضى التونسية مع أن هناك طرقا أخرى معبّدة في خط سيره وأقرب مسافة.
سبب الهبوط ليس اضطراريا
في حين قال المحلل العسكري سليمان بن صالح، إن الطیار المتمرس عندما يواجه خللا فنیا بأجهزة الطیارة الملاحیة وهو يطير نهارا والرؤية واضحة فإنه یستطیع قیادة طائرته اعتماداً علی المشاهدة بعد أن ینزل إلی ارتفاع 500 متر، ویکون قد أجری حساباته لتحديد اتجاه عودته باستخدام اتجاه قدومه، وکذلك احتساب الزمن المتوقع لوصوله للمکان المقصود وزمن الوقود المتبقي له.
وأضاف بن صالح، في منشور توضيحي على حسابه الرسمي بفيسبوك، أن الطيار عند تعطل أجهزة الملاحة لديه ـ كما أشيع هنا ـ لديه أجهزة ملاحیة أخری موجودة بقمرة الطیارة قادرة علی إرشاد الطیار إلی الاتجاه الصحیح للنقطة التي یرید التوجه إلیها، ومن أمثلة هذه الأجهزة NDB / VOR / DME وغیرها.
وأكد بن صالح أن طیاراً بخبرة العقيد الذي هبط بتونس لا یمکن أن یکون سبب هبوطه الاضطراري هو عطل في الأجهزة الملاحیة، ولا یمکن أیضاً أن یکون السبب هو تعطل المحرك أو نفاد الوقود، والدلیل علی ذلك هو هذا الهبوط المتقن علی الطریق الضیّق الذي من المستبعد أن یحدث بهذه الطریقة السلیمة لولا وجود المحرك في حالة عمل اعتیادیة والمحرك لا یعمل إلا بوجود الوقود في الخزانات.
وبين رواية الطيار والتحليل العسكري للحادثة شكلت السفارة الليبية في تونس لجنة لمتابعة الحادثة ينتظر الجميع نتائج عملها وما ستدلي به من تصريحات توضح ما إذا كان الطيار منشقا أو أن روايته صحيحة؟