في مقابلة يمكن وصفها بدراما “المونولوج” حاور عيسى عبدالقيوم نفسه في محاولة منه لتلميع شخص “حفتر” الرجل الذي عارض كل ما سعى عيسى لنقله، من حديث عن دولة ليبيا الديمقراطية المزدهرة الواقفة في صف واحد مع كل الأحزاب السياسية.
عبدالقيوم أوضح من خلال “مقابلته الصحفية” مع العسكري الذي أعلن بشكل واضح رفضه للدستور الذي وصفه بالكارثة، أن حفتر يُمهد من خلال عمليته العسكرية لفترة قادمة دائمة عنوانها على لسان عبدالقيوم “دولة الديمقراطية”.
تناقضات عديدة حملتها المقابلة التي نشرت عبر صحيفة “المرصد” تناقضات بين ما حاول تلميعه عيسى عبدالقيوم، وما كان يُصرح به حفتر قبل تلقيه للضربات العسكرية المتتالية من قبل قوات الجيش الليبي بحكومة الوفاق.
حفتر والديمقراطية
في الثامن من يناير عام 2018، أظهر حفتر تناقضاً غريباً خلال لقائه مع صحيفة “جون أفريك” الفرنسية متحدثاً عن ديمقراطية ليبيا والحل السياسي فيها.
“حفتر” قال آنذاك، إن ليبيا غير مستعدة للديمقراطية، وأنه سيعطي الأولوية للعملية السياسية، لم يكتف بهذا القدر من التناقض، بل زاد قائلاً، إنه يملك خلايا نائمة في المناطق التي لا يسيطر عليها، وأنه مستعد لتفعيلها إذا ما وصل الحال لطريق مسدود.
حديث عيسى في هذا الجانب
ما قال عبدالقيوم في لقائه مع حفتر جاء معاكساً لحديث حفتر مع الصحيفة الفرنسية، في محاولة اعتبرها البعض تلميعاً لحفتر أمام الشعب الليبي للبقاء أكثر في الواجهة خصوصاً بعد المستجدات العسكرية الأخيرة في المنطقة الغربية.
حفتر على لسان عبدالقيوم أوضح أن المرحلة التي ستكون بعد انتهاء “عمليته العسكرية” سيكون فيها حكومة وحدة الوطنية تجهز للإنتخابات وعودة المسار الديمقراطي والعمل على مشروع قانون انتخابات جديد خالٍ من العيوب السابقة.
حفتر والدستور
في الثاني عشر من سبتمبر عام 2018، وصف حفتر الدستور الليبي بـ “الكارثة والمأساة” ويجب إلغاء كل هذه الاشياء.
حديث حفتر أمام عدد من مشائخ القبائل بالمنطقة الشرقية على غرار لقاءات “القذافي” قال إن البديل جاهز في حال فشل “عقيلة صالح” في إخراج وتصحيح الدستور ، سيكون الرفض جاهزاً للرد عليهم.
عيسى وحديث حفتر عن دستور ليبيا
ربما دون وعيٍ ذكر عيسى عبدالقيوم أن حفتر قال له إن الجيش لم يعطل الإنتخابات، وليس هو من أخل بالتزامه وكان يجب أن تجري نهاية 2018 ثم تأجلت لبداية 2019.
حفتر على لسان عبدالقيوم اتهم المجلس الرئاسي بتعطيل الانتخابات وخلق الحجج لتعطيلها أكثر وقت ممكن.
كلام عيسى أو “حفتر” في المقابلة الصحفية للمرة الثانية جاء معاكساً تماماً لما قاله الرجل نفسه في سبتمبر عام 2018 لتزداد الشكوك أكثر عن فحوى المقابلة ومن أجراها مع من؟
بعيون عيسى عبدالقيوم من هو عدو حفتر ؟!
على غرار ما حدث في مصر وقبلها المطالب الإماراتية والسعودية، نقل عبدالقيوم على لسان حفتر أن جماعة الإخوان المسلمين الليبية دون غيرها العدو اللدود للجيش معتبراً إياها سبب الأزمة التي حلت على ليبيا. حسب قوله.
حفتر أوضح أن الإخوان هم من يسيطرون على المنطقة الغربية وهم الذي يعرقلون دخول ليبيا في مرحلة جديد يسودها النظام الديمقراطي وعرقلوا إقامة الانتخابات ومسودة الدستور.
لعل ما حاول عيسى توضيحه أن جماعة الإخوان هي العائق أمام إقامة الدولة المدنية متناسياً أن من حكم البلديات في المنطقة الشرقية قبل “عملية الكرامة” هم عُمداء جلبتهم أصوات الناس عبر صناديق الاقتراع، ومن حكمها في فترة حفتر هم قادة عسكريون أو مُقربون من حفتر بتعيين مباشر دون اللجوء للناس ومعرفة رأيهم في من هو الأصلح لهم ولخدمتهم.
اسئلة كثيرة حملها لقاء عيسى مع نفسه إن صح القول باعتبار أن ما جاء على لسان حفتر في المقابلة عاكس ما كان يُصرح به منذ أعوام. ليكون السؤال، بعد طرح رئيس حكومة الوفاق لمبادرة تجمع كافة الليبيين للخروج من الأزمة الراهنة هل يحاول عيسى عبدالقيوم من خلال مقابلته لحفتر بعد يومين فقط من إعلان السراج لمبادرته، تدارك سقوط التيار المدني المزيف في ظل حكم العسكر على المنطقة الشرقية وإظهار حفتر بصورة الرجل الديمقراطي؟!