عقب إعلان رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج إطلاق مبادرته السياسية للخروج من الأزمة الراهنة التي تشهدها البلاد، سرعان ما لقيت المبادرة ترحيبا واسعا من عدة أطراف محلية ودولية، وأهم المرحبين الدوليين حتى اللحظة هو الاتحاد الأوروبي.
الاتحاد الأوروبي الذي رفض عدوان حفتر على طرابلس منذ بدايته أعلن أنه يدعم أي مقترح بنّاء لدفع العملية السياسية في ليبيا برعاية الأمم المتحدة، وإنهاء النزاع والانقسام، وأن المقترح الذي تقدم به السراج “خطوة في ذلك الاتجاه”، وفق بيانه.
واقترح السراج، في بيان مصور أمس الاثنين، عقد ملتقى ليبي بالتنسيق مع البعثة الأممية؛ لوضع خارطة طريق للمرحلة القادمة، وقاعدة دستورية مناسبة لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية متزامنة قبل نهاية العام الحالي.
ترحيب متوقع
المحلل السياسي عبد الله الكبير رأى أن الترحيب بمبادرة السراج كان ينبغي أن يأتي من مستوى أرفع من الناطق باسم الاتحاد الأوروبي، ولكن هذا يدل على رغبة الأوروبيين في حل سلمي، مضيفا أن الترحيب الحاسم سيكون من الولايات المتحدة الأمريكية، وفق قوله.
وأضاف الكبير، في تصريح للرائد، أن الترحيب متوقع، ومن لا يرحب سيكون في حرج إذ سيبدو بمظهر المؤيد للانقلاب ومصادرة حق الشعب في وضع أسس دولته المنشودة، والمعنى الآخر للترحيب من الجميع هو التأكيد على عدم جدوى الحل العسكري في ليبيا.
وعن المبادرة، قال الكبير إنها جيدة وهي تضع الأساس المثالي للحل الجذري للأزمة والصراع الحالي بإعادة الأمر إلى الشعب عن طريق ممثليه، ومن ثم إجراء الانتخابات وقطع الطريق على دعاة القتال وإقصاء الخصوم بقوة السلاح.
الضغط على فرنسا
وقرأ الكاتب علي أبوزيد ترحيب الاتحاد الأوروبي على أنه وسيلة ضغط أخرى على فرنسا التي ما زالت تصر على دعم قائد قوات الكرامة خليفة حفتر ظاهرا وباطنا، حسب أبوزيد.
وأكد أبو زيد، في تصريح للرائد، أن مبادرة السراج جاءت في وقت حساس ومهم، وهي تقطع الطريق أمام أي مبادرة تنطلق من مبدأ المساواة بين المعتدي والمعتدى عليه، لافتًا إلى أن هذه المبادرة ستمثل إحراجا للمجتمع الدولي الذي يؤكد حتمية الحل السياسي دون أن يُقدم على أي خطوات جادة في هذا الاتجاه.
زخم دولي
أما المحلل السياسي علاء فاروق فقد توقع أنه بعد ترحيب الاتحاد الأوروبي وإيطاليا بمبادرة رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج فإنها ستأخذ زخما دوليا وأوروبيا خاصة، مما يضعف موقف مناوئي السراج وقواته، وتحديدا خليفة حفتر والحكومة الموازية ومجلس النواب.
وأضاف فاروق، في تصريح للرائد، أن تأييد المبادرة سيسهم في إقناع آخرين بالالتفاف حول حكومة الوفاق واعتبارها طرفا يرغب بالسلام والوفاق.
وبيّن فاروق أن توقيت طرحها وبنودها اتسمت بالذكاء؛ كونها أحرجت الجميع وألقت الكرة في ملعب المجتمع الدولي من ناحية وحفتر من ناحية أخرى، قاطعةً الطريق على مبادرات متوقعة من بعض الفاعلين الإقليميين ومنهم مصر والسعودية لتكريس حفتر في المشهد السياسي وفرضه في المشهد العسكري.
دعم للعملية السياسية
في حين يرى الكاتب فرج فركاش أن الترحيب الأوروبي بمبادرة السراج جاء في إطار دعم أي مبادرة تعيد العملية السياسبة إلى مسارها، ومن شأنه إعادة الاستقرار إلى البلاد بعيدا عن لغة الحرب والدمار.
وأشار فركاش، في تصريح للرائد، إلى أن الاتحاد الأوروبي، خاصة الدول التي على شمال المتوسط، تدرك جيدا أن استمرار عدم الاستقرار في ليبيا سيؤثر عليها مباشرة، وستكون تداعياته وخيمة عليها بدءا من الهجرة غير القانونية وانتشار الإرهاب وانتهاء بتهديد مصالحها الاقتصادية.
وفيما يخص المبادرة، أكد فركاش أنها خطوة في بداية طريق العودة للمسار السياسي بالرغم من قصورها، وستفتح الطريق أمام مبادرات أخرى في الأيام القادمة، وستعطي سلامة الفرصة لجمع الأطراف (التي ستدلي بشروطها في هذه المبادرات) على طاولة الحوار من جديد لعله يخرج بحل أشمل وأوسع للأزمة الحالية.
وقبل عدوان حفتر على طرابلس كانت البلاد تتجه إلى الملتقى الجامع في غدامس الذي كان من شأنه أن يضع حلا سياسيا للأزمة الليبية لكن حفتر أبى إلا أن يلجأ إلى استخدام السلاح ضاربا بطموحات الليبيين عرض الحائط.