بعد مرور 38 يومًا من إصدار حفتر أوامره لقواته في الرابع من أبريل بالتوجه لطرابلس، ما تزال تظهر نتائج الحرب التي يشنها حفتر الصعبة والكارثية التي طالت مئات الألوف من المواطنين الذين اضطروا إلى النزوح من مناطق الاشتباكات أو غيرهم ممن هجروا مدنهم التي دخلتها قوات حفتر كغريان وترهونة.
مفوضية اللاجئين الدولية قالت إن أكثر من 63 ألفا نزحوا بسبب الاشتباكات في طرابلس، والأمر الأصعب هو ما يحتاجه الكثير من النازحين والمهجرين الذين يقيم غالبهم في مراكز إيواء بالمؤسسات التعليمية، وتتحمل عدد من البلديات مسؤولية إعانتهم مع صعوبة ذلك خاصة في شهر رمضان المبارك، وكذلك حاجة العائلات التي ما تزال محاصرة في مناطق الاشتباكات إلى الماء والغذاء.
ولولا جهود جمعيات الهلال الأحمر الصعبة وسط مناطق الاشتباكات لإخراج العالقين منها لكانت الكارثة الإنسانية أكبر.
مقتل وإصابة المئات منظمة الصحة العالمية من جهتها وثقت في آخر إحصائياتها، مقتل 454 شخصا وإصابة أكثر من 2150 آخرين منذ بدء حفتر الحرب على طرابلس، وهو ما أكده مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في ليبيا. وزارة الصحة بحكومة الوفاق وثقت هي أيضا مقتل العشرات من المواطنين المدنيين الآمنين في بيوتهم في الغارت التي شنتها قوات حفتر بالطائرات أو بالقصف بصواريخ “غراد” العمياء على عدد من أحياء المدينة، منها حي الانتصار وعين زارة.
استهداف متعمد لسيارات الإسعاف ولم تسلم سيارات الإسعاف ولا العاملون فيها من هجمات قوات حفتر، فقد أسفر آخرها عن إصابة مدير خدمات الإسعاف والطوارئ الطبية وبتر ساقيه، وإصابة عاملَين طبيين آخرَيْن بجروح خطرة أثناء قيامهما بعملهما الإنساني في إسعاف الجرحى والمصابين جنوب طرابلس، وقد عدّت منظمة الصحة العالمية الهجوم على سيارة الإسعاف رغم أنها تحمل شعارات ظاهرة وواضحة ـ “انتهاكًا مروعًا وغير مقبول للقانون الإنساني الدولي”.
وعبّرت منظمة الصحة العالمية، في تقرير لها، عن خشيتها من تفشي أمراض معدية بسبب المياه غير النظيفة وفرار السكان من القتال الدائر جنوب طرابلس. ولم تسلم مراكز إيواء المهاجرين من هجمات قوات حفتر مثلما حدث لمركز قصر بن غشير الذي أصيب فيه عشرات المهاجرين قبل نقلهم منه.
شبكة الكهرباء طالها الدمار وشهدت مناطق عديدة انقطاعا للتيار الكهربائي لأيام نتيجة المعارك التي تشهدها مناطق الاشتباكات، وعدم قدرة موظفي شركة الكهرباء على دخولها لإصلاح ما يمكن إصلاحه من الأضرار.
انقطاع المياه عن مناطق بطرابلس والمياه كذلك انقطعت لأيام عن مدينة طرابلس وحتى بعد رجوعها ما تزال عديد المناطق تشكو من انقطاعها ساعات طوال، الأمر الذي عزاه جهاز النهر الصناعي للتعديات على مسار الشبكة الذي استغله كثيرون لسقي مزارعهم أو استغلالها واستخدامها بشكل أعاق وصولها لمساكن المواطنين.
قتل وتنكيل ودمار مستمر وفي ظل كل ذلك تستمر قوات حفتر في القتل والتنكيل والتمثيل بالجثث والتفاخر بذلك، وكان آخر ذلك ظهور عدد من أفرادها في مقطع مصور وهم يرقصون تحت تأثير المخدرات أثناء قصفهم لأحياء طرابلس بقذائف الهاون العشوائية.
هذه القوات التي تقصف الأحياء المدنية في طرابلس تحت غطاء فتاوى من دار الإفتاء التابعة للحكومة الموازية التي أباحت لهم الإفطار أثناء القتال كما فعل المسملون في قتال المشركين والتتار، بحسب الفتوى الصاردة عنها.
مناطق خلة الفرجان ووادي الربيع وقصر بن غشير وعين زارة هي الأكثر دمارا منذ بداية الحرب فقد هجر سكانها وأصبحت خاوية على عروشها مع استمرار عدوان قوات حفتر على العاصمة.
وبينما يؤكد مراقبون فشل عملية حفتر منذ انطلاقها وهي التي بدأت بأسر ما يقرب عن 140 من قواته في بوابة الـ27 في الليلة الأولى للهجوم، وبعد تراجع قواته إلى أماكن بعيدة عن العاصمة ومع الدعم المادي واللوجستي المقدم من فرنسا والسعودية والإمارات ومصر ـ ما يزال حفتر يدفع بقواته إلى العاصمة رغم تأكيد تقارير إعلامية تكبدها خسائر فادحة في الأرواح والمعدات، وأسر عشرات منهم على يد قوات الجيش الليبي.