تُعِدّ البعثة الأممية نفسها لعقد الملتقى الوطني الجامع خلال الأسابيع القادمة، وفق ما أعلن المبعوث الأممي لدى ليبيا غسان سلامة في لقاءات وتصريحات عدة.
ومن أجل الترتيب لعقد هذا الملتقى تتواصل البعثة مع الأطراف الليبية المختلفة والمكونات والقبائل من أجل جمعها والتوفيق بينها؛ لتكون مخرجاته جدية وملزمة، لكن أجندة الملتقى لا تزال غير واضحة المعالم.
بعثة الأمم المتحدة جددت التأكيد في أكثر من مناسبة أن الملتقى لن يُخرج جسمًا سياسيًّا جديدًا للمشهد الليبي بل يريد الخروج بموعد محدد للانتخابات، إلا أن هذا الكلام لم يعد يتكرر بعد لقاء أبوظبي الذي جمع حفتر والسراج، فهل يريد سلامة تمرير ما اتفق عليه في أبوظبي خلال الملتقى أو أنه يسعى حقًّا لإيجاد أرضية صلبة تجمع الليبيين لاتخاذ قرار حاسم حول مستقبل بلادهم؟
ضمانات للمخرجات
وفي هذا السياق، طالب رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، خلال لقائه المبعوث الأممي “غسان سلامة”، بضرورة معرفة الضمانات التي ستُقدم لتطبيق ما سيُتفق عليه في الملتقى الجامع.
وشدد المشري على ألّا يحيد الملتقى الجامع عن الخطوط العريضة والمبادئ العامة التي بُني عليها الاتفاق السياسي، وألّا يعطي الشرعية لسلطات الأمر الواقع، موضحًا أن المجلس لديه ثوابت يتمسك بها أهمها أن يكون الاتفاق السياسي مرجعية العمل السياسي، داعيًا إلى ضرورة إلزام كل الأطراف بتطبيق هذا الاتفاق.
صعوبات في التوافق
وأوضح الكاتب والمحلل السياسي على أبوزيد، أن أجندة الملتقى الجامع غير خافية على أحد، فهدف الملتقى هو إنهاء الأزمة السياسية، وتجاوز حالة الجمود وتنازع الشرعية بالوصول إلى مرحلة دائمة تحت مرجعية دستورية واضحة.
وأضاف أبوزيد، في تصريح للرائد، أن سلامة يواجه صعوبات في الحصول على حد أدنى من التوافق بين الأطراف يمكن أن يمثل الأرضية الصلبة التي يعقد على أساسها الملتقى الجامع.
أجندة جديدة
ورأى الكاتب والصحفي عبد الله الكبير، أن هناك أجندة يرغب سلامة في تمريرها خلال المؤتمر الجامع، وهي غير مقبولة من أطراف عدة، وهذه الأجندة الجديدة لم تكن ضمن مشاورات الملتقيات الوطنية الممهدة للمؤتمر.
وقال الكبير، في تصريح للرائد، إن المؤتمر إذا انحرف عن مناقشة الانتخابات وأساسها الدستوري إلى تسويات سياسية تخص المرحلة الحالية فسيكون مآله الفشل.
وأشار الكبير إلى أن مسار المؤتمر الجامع الظاهر هو الذهاب إلى الانتخابات، لكنه إذا تحول إلى “مُحلّل” لتثبيت الكيانات القائمة الآن تحت أسماء مختلفة ومنحها شرعية جديدة ـ فقد يُدخل البلاد في حرب أخرى.
تنويم للرأي العام
وأكد عضو لجنة الحوار السياسي السابق أشرف الشح، أن الملتقى الجامع سيعقد في 26 من مارس الجاري في مدينة غدامس؛ لتمرير ما وصفها بـ “صفقة أبوظبي” دون إعلانها.
وأضاف الشح، على حسابه في تويتر، أن المدعوّين للملتقى لن يُطلَعوا على ذلك إلا أثناء اللقاء؛ كي يجري تمرير “الصفقة”، حسب قوله، مبينًا أن السراج وسلامة يطرحان ما دار في أبوظبي بشكل عام وفضفاض؛ “لتنويم الرأي العام”.
غموض وتناقض
ورأى عضو مجلس الأعلى للدولة عبد الرحمن الشاطر، أن حديث سلامة عمّا جرى في لقاء أبوظبي لتبديد المخاوف قد زاد الأمر غموضًا؛ وذلك بإعلانه تفاهم السراج وحفتر على تقليص المرحلة الانتقالية، ولكنه لم يوضح كيف ستكون عملية الانتقال هذه؟
وأضاف الشاطر، على حسابه في تويتر، أن حفتر أبدى تفهما للحل السياسي في لقاء أبوظبي حسب ما قال سلامة، في حين أن قواته تقدمت نحو سرت أثناء حديثه.
فقاعات سياسية
وعدّ عضو مجلس النواب علي السعيدي، عبارات غسان سلامة مجرد فقاعات لا قيمة لها ولا غرض سوى إطالة الأزمة في البلاد، مضيفا أن هذه ليست المرة الأولى التي يعلن فيها سلامة ويصرح بشأن عقد الملتقى الجامع.
وأضاف السعيدي، في تصريحات له نقلتها قناة “ليبيا الأحرار”، أن سلامة تعدّى حدوده وتجاوز إرادة الشعب الليبي بالدرجة الأولى، وعقد اجتماعات عديدة مع عدد من أعضاء مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة.
وأكد السعيدي، في تصريحه، أن ليبيا دولة ذات سيادة، وليس لسلامة الحق في أن يقرر مصيرها، مضيفًا “لسنا ملزمين بما يقوله سلامة، ويجب عليه احترام إرادة الشعب الليبي”، وفق تصريحاته.
صراع خارجي
أما عضو مجلس النواب علي الصول فرأى أن المجتمع الدولي غير جاد في حل الأزمة في ليبيا.
وأردف، في تصريح للرائد، قائلا “إن الصراع في ليبيا الذي خلق أزمة اقتصادية أثقلت كاهل المواطن إنما يُدار من الخارج عبر فرنسا وإيطاليا التين تريدان رعاية مصالحهما فحسب”، حسب قوله.
فهل يكون المؤتمر الوطني الجامع طوق النجاة الأخير للعملية السياسية في ليبيا أم سيلقي غموض أجندته، خاصة بعد اجتماع أبوظبي، بظلاله على نتائجه فيؤدي إلى فشل جديد للعملية السياسية في البلاد؟!