تسعى قوات حفتر بعد إعلانها العملية العسكرية في الجنوب إلى السيطرة على حقل الشرارة النفطي الذي يعتبر أكبر حقل نفطي في ليبيا ويبلغ انتاجه اليومي 350 ألف برميل، ولكن هذه المرة اصطدم طموحها بصخرة قرارات المجلس الرئاسي الأخيرة حول الجنوب، أبرزها تكليفه للفريق ركن علي كنه آمرا للمنطقة العسكرية سبها، الذي يحظى بقبول لدى شريحة واسعة من أهل الجنوب.
الرئاسي لا يتهاون هذه المرة في الوقوف بوجه حفتر وأراد أن يوصل رسالته بأن الحكومة الشرعية وتأمين الحقول النفطية من صميم عملها، ووضع انتهاك قوات حفتر في الجنوب ومحاولة سيطرتها على الشرارة على طاولة مجلس الأمن، ومع ذلك يبقى السوال لم تصر قوات حفتر على بسط سيطرتها على الشرارة؟
تحسين شروط التفاوض
الباحث والأكاديمي محمد غريبي أكد أن السيطرة على حقل الشرارة تعني تعزيز أوراق التفاوض من خلال خنق حكومة الوفاق ومقايضتها باستمرار تدفق النفط نحو الشمال أو الجلوس وتقاسم السلطة.
وأوضح غريبي في تصريح للرائد، أن السيناريو الذي ينتهجه حفتر هذه الأيام هو فرض الوجود وتحين الفرصة المناسبة لقلب الطاولة على الخصم، مؤكدا أنه في ظل الفوضى العارمة التي تمر بها ليبيا يصعب على أي طرف فرض سيطرته على كامل البلاد.
واستدرك غريبي أن تغير لهجة السراج في تعاطيه مع تحركات حفتر قد يفشل مساعي الأخير في السيطرة على الجنوب الغربي، بحكم أن هذه المنطقة متاخمة للحدود مع الجزائر، وهي ترفض وجود قوات موالية لمصر على حدودها مع ليبيا.
ابتزاز الوفاق
وفي سياق متصل قال الكاتب والباحث السياسي إبراهيم عمر، إن قائد عملية الكرامة يريد من خلال محاولته السيطرة على حقل الشرارة النفطي الذي يعتبر أهم وأكبر حقول النفط الليبي، استغلاله كورقة يبتز بها حكومة الوفاق، ويقول للعالم إن الموارد الاقتصادية في قبضتي وعليكم النظر إلي.
وأضاف عمر في تصريح للرائد، أن حفتر حاول فيما سبق أن يستولي على الموانئ النفطية في المنطقة الوسطى وتأميمها عبر مؤسسة النفط الموازية في بنغازي لكنه فشل في تحقيق مبتغاه، مؤكدا أنه يحاول الآن أن يثبت للمجتمع الدولي أن قوته تزداد كل يوم، وأن يستقوي بها على أطراف الصراع الأخرى، بعد فشله؛ نتيجة الضغوط الدولية عليه التي أخرجت له الورقة الحمراء، بأنه النفط، ولن يسمح لك بتعطيل إنتاجه.
الخشية تعززها التهديدات
بينما يرى المحلل السياسي فرج فركاش أن الذين يخشون نجاح حفتر في السيطرة على حقل الشرارة والجنوب هو تهديده لدخول العاصمة وبقائهم في طرابلس، مؤكدا أن هذه الخشية يعززها الذين يلتفون حول حفتر ويهددون على القنوات وفي وسائل الإعلام أن طرابلس هي الوجهة القادمة.
وعبر فركاش في تصريح للرائد، عن تمنيه ألا تصل الأمور إلى مجلس الأمن؛ لأنه بتعقيداته لن يكون هناك حل، بل سيزيد من تعميق الازمة، مضيفا أن على البعثة أن تقوم بدورها الذي يتمثل في إطفاء الحرائق، واستخدام حظوة رئيسها لدى السراج وحفتر؛ لتقريب وجهات النظر والدفع باتجاه توافق يضمن تأمين الجنوب وتأمين الحدود وتوحيد الجهود.
وبين ما يريده حفتر الذي يطمح للوصول إلى الشرارة تبقى حتى الآن كلمة الرئاسي التى تؤمن قواته الحقل هي العليا، ولا يستطيع حفتر مجابهة هذه القوات باعتبارها قوات الحكومة المعترف بها دوليا.