وبعد صمت جاوز العشرين يومًا منذ بدء قوات الكرامة عملياتها في الجنوب الليبي، وما سبقها من تجاهل طويل ولسنوات لأزماته ومعاناة أهله، وما شابها من تدخلات خارجية لدول وميلشيات من دول جوار دخلت الأراضي الليبية وعبثت به فسادًا ونهبًا وخطفًا لمواطنيه.
أتى تكليف المجلس الرئاسي، بصفته القائد الأعلى للجيش الليبي وفق اتفاق الصخيرات، لـ “علي سليمان كنه” آمرًا لمنطقة سبها العسكرية، بعد إهمال طويل لأوضاع مناطق الجنوب الليبي العسكرية والأمنية.
خطوة جيدة لكن متأخرة
الكاتب والمحلل السياسي علي أبوزيد، رأى في تكليف “علي كنه” آمرًا للمنطقة العسكرية الجنوبية خطوة جيدة ولكنها متأخرة وغير كافية.
وأضاف أبوزيد، في تصريح للرائد، أن الرجل له ثقل عسكري كبير، ولكنه يحتاج إلى دعم على كل المستويات، مشيرًا إلى أن “كنه” له القدرة على إيقاف استغلال حفتر للموقف في الجنوب دون حدوث صدام ليبي ليبي.
واستطرد قائلا: إلا أن هذا يحتاج إلى تحرّك موازٍ على مستوى الخدمات الأساسية، وهنا يأتي دور الرئاسي الغائب، كما أن التواصل الرسمي مع دول الحدود الجنوبية سيساهم في تحقيق الاستقرار في الجنوب.
مخاوف من تصفية حسابات
الصحفي المستقل وليد دوكن، رأى أن قرار تكليف الفريق “علي كنه” جاء متأخرا؛ لسيطرة قوات حفتر على أغلب مناطق الجنوب، وأن أي إجراء لعرقلة سيطرة حفتر سيُدخل المنطقة في خضم تصفية حسابات سياسية.
وأوضح دوكن، في تصريح للرائد، أن الرجل يملك قدرة وخبرة لا بأس بها، وما سيقدمه سيتوقف على الإمكانيات التي توفرها حكومة الوفاق له.
الجنوب يعاني
الصحفية من الجنوب الليبي مبروكة أبوزيد، اتفقت مع من سبقها في أن القرار تأخر كثيرا؛ إذ كان الأجدى بالرئاسي أن يتجه منذ مدة طويلة للنظر في أحوال الجنوب.
وواصلت أبوزيد حديثها للرائد، قائلة إن السكان في سبها عانوا كثيرا من الحرب وقطع الطرق ودفع الإتاوات لعصابات المرتزقة التشادية والسودانية، ناهيك عن الفدية التي كانوا يدفعونها لمختطفي أبنائهم، والتهميش والفقر وانعدام الأمان والقتل.
وأوضحت أن أهالي الجنوب، خاصة في مدينة سبها، سيرفضون “كنه” لسببين، الأول لسبب قبلي محض؛ لأنه سيفسد على السكان نشوة الانتصار التي طالما حلموا بها على مكون التبو، وفق قولها.
والأمر الثاني، هو إفساد الشعور بالأمن الذي بدؤوا يحسون به في كنف مسلحي حفتر المنتشرين في الشوارع والأزقة؛ لأنهم فقط لا يريدون التفكير أعمق ولا أبعد من ذلك.
قد يؤدي إلى تأجيج الصراع
الأكاديمي والباحث محمد الأنصاري، أكد أن تكليف “علي كنة” في هذا الوقت قد يؤدي إلى تأجيج الصراع في الجنوب.
وتساءل الأنصاري، في تصريح للرائد، مالذي كان ينتظره السراج كل تلك المدة؟ ولماذا لم يكلف آمرًا للمنطقة الجنوبية منذ وقت طويل؟، مضيفا “نحن في الجنوب نعتبر هذا استقطابا حادا وخطرا قد يؤدي إلى مزيد من التوتر في المنطقة”.
ومن خلال هذه القرارات التي رآها كثيرون متأخرة ورآها آخرون قد تشعل مزيدًا من النزاعات في المنطقة الجنوبية التي لم تهنأ يومًا باستقرار ولا أهلها بهناء، سننتظر ما تحمله الأيام والشهور القريبة.