بات مصرف ليبيا المركزي مصدر قلق لدى مؤسسات الدولة، فلم يسلم من نقد المجلس الرئاسي وديوان المحاسبة، ووزارة المالية، ووصلت آخر خلافاته مع المجلس الرئاسي إلى عرقلة إقرار ميزانية العام الحالي 2019 التي قد تناهز 50 مليار دينار ليبي.
أصبح عقبة
يرى الكاتب والصحفي عبدالله الكبير أن المصرف المركزي بات عقبة في تنفيذ عدة قرارات لحكومة الوفاق، فقد رفض صرف ميزانية وزارة الداخلية؛ للشروع في تنفيذ خطتها الأمنية.
وأكد الكبير في تصريح للرائد، أن عدم الاتفاق مع المصرف المركزي يعكس حالة التخبط الواضحة في المجلس الرئاسي.
عدة شواهد تؤكد العرقلة
بينما لم يستبعد الكاتب علي أبو زيد أن مماطلة محافظ المصرف المركزي لإنجاز الإصلاحات الاقتصادية، وتشكيكه في جدواها في أكثر من مناسبة؛ لأنها قلّصت من نفوذه ودوره الفعّال في المشهد الوطني.
واعتبر أبو زيد في تصريح للرائد، أن كل هذه أمور ترجّح صحة الأخبار المتداولة عن عرقلة المركزي اعتماد الميزانية التي قدمها الرئاسي، منوّها أن تصريحات وزير المالية الذي قال إن سبب تقديم استقالته هو تدخل المصرف المركزي في اختصاصات وزارته.
وأضاف أبو زيد أن رئيس ديوان المحاسبة أكد أن محافظ مصرف ليبيا المركزي سينتهج نهجا قريبا من العرقلة لعلّه يعيد شيئاً من نفوذه وزخمه الذي فقده بعد الإصلاحات الاقتصادية.
التغول يُلقي بظلاله على الميزانية
وفي ذات السياق اعتبر الباحث والأكاديمي محمد غريبي أن تغول محافظ مصرف ليبيا المركزي على الحكومة وخاصة وزارة المالية قد ألقى بظلاله على مشروع الميزانية المقترح، منبّها أن الجهة المخولة بالتصديق على الموازنة العامة وهي البرلمان هي الأخرى غائبة عن أداء دورها المنوط بها.
وأوضح غريبي في تصريح للرائد، أن هذه الفجوة أفرزت وضعا سياسيا مشوها تمكن من خلاله “الصديق الكبير” من التحكم بالأصول المالية للدولة الليبية وخاصة عوائد النفط خلال العامين الأخيرين.
ومن جهة أخرى قال غريبي، إن ميزانية العام الحالي يجب أن تقتصر على الفصول الأساسية المتعلقة بالرواتب والخدمات الضرورية، مؤكدا أن الدراسات تفيد بأن الواقع الليبي لا يمكن أن يستوعب ميزانية تتجاوز في حدها الأقصى 45 مليار دينار؛ بسبب تهالك البنية التحتية وعدم وجود شركات استثمارية ومصانع إنتاج يمكن أن تسهم في توظيف أموال الخزانة العامة بما ينعكس إيجابا على الحياة المعيشية للأفراد والرقي بها.
سبب الخلاف
ويرى مراقبون أن الخلاف على الرسوم المفروضة على النقد الأجنبي بين الرئاسي والمركزي حال دون الاتفاق على الميزانية، إذ يرى المصرف المركزي أنه الأولى بالرسوم لسداد الديون، وترى حكومة الوفاق أنها الأحق بالرسوم لاستخدامها في أغراض التنمية، مؤكدين أن هذه الرسوم أسهمت في تقليص الفارق في سعر صرف الدولار بين السوق الرسمية والسوق السوداء التي كانت تستفيد منها الميليشيات، إذ كانت تحصل على الدولارات بسعر رخيص من المصرف المركزي وتبيعها في السوق السوداء بفارق كبير.
وازداد أور الخلاف بين مؤسسات الدولة بعد تحسن واردات النفط تحسنا ملحوظا بالنظر إلى العام الماضي، فقد بلغ إجمالي الإيرادات النفطية لعام 2018 24.5 مليار دولار، في حين سجّلت مصروفات النقد الأجنبي لكافة الأغراض 19.1 مليار دولار، بفائض قدّر بـ5.4 مليارات دولار.