أثار إعلان رئيس المفوضية العليا للانتخابات عماد السايح خلال لقائه برئيس مجلس النواب عقيلة صالح بإنجاز 90% من التجهيزات للاستفتاء على مشروع الدستور الكثير من ردود الأفعال حول ماهية عمل المفوضية.
فاتهم البعض المفوضية بالانحياز لطرف سياسي دون آخر، وأنها أصبحت طرفا في الصراع السياسي الدائر في البلاد، خصوصا بعد بيان المجلس الأعلى للدولة في ديسمبر الماضي، الذي أبدى استغرابه من إعلان رئيس المفوضية العليا للانتخابات عماد السائح، قبول قانون الاستفتاء على الدستور مع أنه لا يزال قيد التداول؛ الأمر الذي يخالف مواد الاتفاق السياسي، ويعرّض الإجراءات المترتبة عليه للطعون الدستورية بحسب البيان.
المفوضية نفت في أكثر من تصريح على لسان مسؤوليها انحيازها أو تدخلها في التجاذبات السياسية وكررت أنها جهاز تنفيذي فقط.
الشروط غير متوفرة
وقال عضو الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور سالم كشلاف، إن المفوضية اشترطت لإنجاز الاستفتاء على التوافق بين مجلسي الأعلى للدولة والنواب، والتمويل، وتوفر المناخ الأمني، وهو مالم يتوفر حتى الآن.
وأوضح كشلاف في تصريح للرائد، أن قانون الاستفتاء ما زال محل جدل بين النواب والأعلى، وبالتالي فهو غير نافذ، وأن الترتيبات الأمنية لم تتحقق بالصورة المطلوبة، إضافة إلى أن التمويل بحسب ما صرح به رئيس المفوضية ناقص، والتوافق السياسي بين مجلسي النواب والأعلى للدولة لم يتم، مشيرا إلى أن تصريحات اللجنة التحضيرية للمفوضية تبين أن المفوضية تسعى لإنجاز الجانب التحضيري فقط.
انحياز للنواب
وأبدى عضو المجلس الأعلى للدولة عبد الرحمن الشاطر استغرابه مما وصفه بالموقف المحير للمفوضية العليا للانتخابات من الاتفاق السياسي “وانحيازها لمجلس النواب وتجاهلها للمجلس الأعلى للدولة”.
وقال الشاطر في تغريدة على حسابه الشخصي في تويتر، إن مسؤولي المفوضية يلتقون بالبعثة الأممية الراعية للاتفاق السياسي، ويطلبون من حكومة الوفاق مبلغ 40 مليون دينار؛ لدعم الاستفتاء على مشروع الدستور، بينما يغضون الطرف عن قانون “سيء” للاستفتاء، وآخر للانتخابات. حسب تعبيره.
عملنا تنفيذي
بينا رد عضو مجلس الإدارة بالمفوضية العليا للانتخابات عبدالحكيم بالخير، قائلا “إن المفوضية بعيدة عن التجاذبات السياسية، مؤكدا أن توفر الأمن والتغطية المالية شرطان أساسيان للشروع في عملية الاستفتاء على الدستور”.
وأضاف بالخير في تصريح للرائد، أن قانون الاستفتاء به بعض الملاحظات التي ستؤخذ بعين الاعتبار من قبل اللجنة، مشير إلى أن المفوضية تنتظر الخطة الأمنية والميزانية المطلوبة من المجلس الرئاسي، وستشرع حال تنفيذها بوضع الأطر الزمنية، والتي في العادة لن تتجاوز 60 يوما.
وأكد بالخير، أن التوافق السياسي يجب أن يكون بين الأطراف، وهو شرط من شأنه المساهمة في نجاح العملية الانتخابية، ولا علاقة للمفوضية بهذا، مشيرا إلى أن عمل المفوضية تنفيذي فقط، لافتا إلى أن المفوضية لن تحدد أي موعد للاستفاء قبل أن يتوفر الجانب الأمني وفق قوله.
شروط تعجيزية
ورأى عضو الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور نوح عبد الله، اشتراط حصول الدوائر الانتخابية الثلاثة على نسبة 50+1 إضافة لنسبة الثلثين من كل الدوائر في قانون الاستفتاء شرطا “تعجيزيا “يستحيل الحصول عليه في كل دساتير العالم.
وأوضح عبد الله في تصريح للرائد أن هذه الشروط وضعت تحت ضغوط شعبية ودولية، لكن المحصلة النهاية تشير إلى أنه لن يكون هناك دستور في ليبيا، لافتا إلى المفوضية ملزمة بالتواصل مع السلطة التشريعية المتمثلة في مجلس النواب. وفق قوله.
فهل تنأى المفوضية العليا للانتخابات بنفسها عن التجاذبات السياسية، أم إن الصراع السياسي الدائر في البلاد سيجرها للانحياز لطرف بعينه؟ وهل سنرى هذا العام ولادة دستور جديد للبلاد يحظى بتوافق جل الليبيين في ظل الفوضى والانقسام السياسي الحاصل في البلاد؟