شهد الوضع في مدينة طرابلس اليومين الماضيين تصعيدا بين وزير الداخلية وبين عدة كتائب، بعد تصريحات الوزير فتحي باشاغا، بأن هناك كتائب تتلقى دعما خارجيا، وجرى التصعيد عبر بيانات فيسبوكية، لم يُتأكد من نسبتها لهذه الكتائب، إلا أن كتيبة النواصي نفت صدور بيان معارض لوزارة الداخلية، مؤكدة في منشور لاحق تبعيتها لحكومة الوفاق ولوزارة الداخلية.
ونشرت النواصي على صفحتها الرسمية أن قوة حماية طرابلس تؤكد أنها تحت شرعية الدولة، وخاضعة لتعليمات حكومة الوفاق الوطني ووزارة الداخلية، وأنها مع تنفيذ الترتيبات الأمنية داخل طرابلس الكبرى.
حقل ملئ بالألغام
الكاتب والمحلل السياسي فرج فركاش رأى أن الترتيبات الأمنية ستبقى محل جدل، وأنها لن تنجح إذا استمر الوضع على ما هو عليه، مضيفا أن تصريحات وزير الداخلية فتحي باشاغا أوضحت ما كان يُعتقد بأن الأموال والتمويل لا يذهب لوزارة الداخلية بل يذهب مباشرة إلى الكتائب المسلحة.
وقال فركاش في تصريح للرائد، إن الأيام الماضية كشفت بعد تصريحات باشاغا أن هناك سلطة موازية لوزارة الداخلية متمثلة في هذه الكتائب التي تتبع الداخلية على الورق فقط، مبينا أن هذه السلطة يبدو من الواضح أن لها حق الفيتو على الدعم الذي صرح به باشاغا بأنه لم يتلقاه من الرئاسي بعد، وأن بعض هذه الكتائب لها تواصل مع جهات خارجية على طرفي النقيض.
وأوضح فركاش أن على باشاغا إصدار قرارات أكثر حزما باستيعاب أفراد هذه الكتائب فرادى في الأجهزة الأمنية وفق متطلبات هذه الأجهزة؛ لكسر سطوة قادتها وسحب الآليات الثقيلة منها إلى خارج العاصمة، منوّها بأن باشاغا بدأ يتحصل على الدعم الشعبي، ولكن الفارق سيكون في مدى جدية الدعم الدولي لوزارة الداخلية التي ألقى على عاتقها تنفيذ بنود الترتيبات الأمنية.
يصطدم بجملة من العوائق
من جهته اعتبر الأكاديمي والباحث محمد غريبي أن تكليف رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج حقيبة الداخلية لفتحي باشاغا يعود لسببين؛ الأول لقطع الطريق أمام التيار المناهض لاتفاق الصخيرات عبر تنصيب قيادي محسوب على الثورة وموقع على الاتفاق؛ والآخر لرغبة السراج في تحريك الملف الأمني وإدارته عن بعد حتى إذا حصل اشتباك بين الوزير وأجهزته يكون السراج قادرا على لعب دور الوسيط وفرض الرأي المناسب في اللحظة الأخيرة.
وأشار غريبي في تصريح للرائد إلى أنه من الصعب أن يصدر وزير الداخلية قرارا مؤثرا ما لم يتشارك مع الكتائب في صياغة بنوده، مضيفا أن جهود وزير الداخلية على الرغم من أنها جهود مخلصة وصادقة فإنها تصطدم بجملة من العوائق التي تراكمت؛ بسبب التدافع والتقاتل الذي شهدته طرابلس عدة مرات.
فرصة لقياس جديتها
فيما أكد الكاتب علي أبو زيد أن بيانات كتائب طرابلس تأتي في سياق تهدئة التوتر الحاصل بينها وبين وزير الداخلية، خاصة بعد إعلانه عن وجود فساد مالي في الوزارة، ومحاولة عرقلة تنفيذ الترتيبات الأمنية.
وأضاف أبو زيد في تصريح للرائد، أن بيانات الكتائب المسلحة فرصة لقياس جديتها في خضوعها وتبعيتها التامة لوزارة الداخلية، وأنها ليست محاولة لتجاوز التوتر والقفز على الترتيبات الأمنية، مشددا على وزير الداخلية بالاستمرار في نهجه الحازم لتنفيذ هذه الإصلاحات وأن يستثمر الدعم الأممي الذي يحظى به قدر الإمكان.
ويبقى السؤال هل يتمكن وزير الداخلية فتحي باشاغا من تنفيذ الترتيبات الأمنية، وأن يبسط الأمن داخل طرابلس خاصة وباقي المدن؟