صناعة استخراج زيت الزيتون في ليبيا صارت مهددة الآن بعد أن أوقفت السلطات الليبية الصادرات منذ العام الماضي، في محاولة منها “لحماية” المنتجات المحلية.
قرار المنع جاء بحجة تطوير صناعة زيت الزيتون وتشجيع السوق المحلية، لكن في مدينة ترهونة لا ينظر المزارعون والعمال في معاصر الزيتون بعين الرضا إلى هذه الحجج.
يحصد “زهري البحري”، وهو مزارع وصاحب معصرة زيتون من مدينة ترهونة، الزيتون في مزرعته بيده لتجنب إتلاف الأشجار، ويقول “إن المزارعين يعانون للحصول على قطع غيار المعدات الزراعية التي أصبحت باهظة الثمن بعد انهيار سعر الدينار مقابل الدولار، وارتفاع كلفة عملية استخراج الزيت”، ويضيف “هناك ما يكفي من الإنتاج في ليبيا، ولا أفهم لماذا لا يمكننا التصدير؟”.
توقفت صادرات المنتجات الزراعية الليبية من التمور والعسل وزيت الزيتون ـ منذ عام 2017، وقد ذكر مرسوم وزارة الاقتصاد حينها أن إيقاف التصدير سيكون “مؤقتا” لتلبية احتياجات السوق المحلية، لكنها لم تحدد موعدا لاستئناف الصادرات.
وقال مسؤول في وزارة الزراعة، إن المنتجات “تصدر بكميات كبيرة وبأسعار منخفضة، وبدون إضافة قيمة للاقتصاد الليبي”، وهو ما يؤدي إلى تلبية الطلب المحلي على الزيت بواردات باهظة الثمن.
وتنتج ليبيا نحو 150 ألف سنويا طن من الزيتون، لتحل بذلك في المرتبة الحادية عشر عالميا في إنتاج الزيتون، لكن 20 % منه فقط يحول إلى زيت، الأمر الذي يجعلها متأخرة كثيرًا عن جيرانها في صناعة الزيت كالمغرب وتونس والجزائر، وفقًا لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة.
وقال علي النوري، وهو مالك مزرعة في ترهونة، لوكالة “فرانس برس”، إن صناعة الزيت تحتاج إلى المزيد من الاهتمام والموارد من أجل الرخاء، بدءا بتطوير الري في المنطقة الصحراوية، فضلًا عن مساعدة الدولة لضمان مراقبة الجودة وتأسيس مصانع التعبئة.
ومع أن البدائل المستوردة الرخيصة لزيت الزيتون، مثل زيت الذرة، قد أصبحت جزءًا من المأكولات الليبية، فإن “زيت الزيتون يبقى الخيار الأول” بين أصحاب المنازل، حسب نوري.
ويستذكر نوري أن أشجار الزيتون “أنقذت” الليبيين خلال فترات عجاف قبل اكتشاف النفط الخام في أواخر الخمسينيات.
ومن بين مئات أشجار الزيتون في مزرعة نوري الواسعة، هناك مجموعة نادرة من الزيتون الأبيض (بدأت في توسكانا شمال إيطاليا زراعة شجرة الزيتو المعرفة بـ “أوليا ليو كيوكاربا” التي تنتج الزيتون الفاتح اللون) لكن لا يوجد في ترهونة منها سوى خمس أو ست أشجار فحسب.
تبلغ مساحة الأراضي الصالحة للزراعة 2% من مساحة ليبيا المقدرة بـ 1.7 مليون كيلومتر مربع، وتضم أكثر من ثمانية ملايين شجرة زيتون، وفقًا لوزارة الزراعة.
يروي المزارع مختار علي من مدينة مسلاتة، الذي تحتوي مزرعته على شجرة زيتون عمرها 600 عام، أن قطع أشجار الزيتون كان ممنوعًا بشكل “صارم” قبل وصول القذافي إلى السلطة عام 1969، مضيفًا أن ذلك تغير الآن، فأشجار الزيتون تقطع حاليًّا لصنع الفحم أو للبناء بدون أي عقاب.
لكن رغم ذلك يظل مختار متفائلًا، ويرى بريقًا في محاولات العديد من المزارعين الحفاظ على تراث البلاد، إما عن طريق زراعة الأنواع المحلية أو استيراد أشجار جديدة من إسبانيا.
المصدر: وكالة “عرب نيوز”