أصبحت ثقافة إغلاق المنشآت الحيوية للدولة الليبية تنتشر بشكل كبير في ليبيا، بل أضحت هذه الموارد تستخدم في عمليات ابتزازٍ للدولة، فكل من يريد أن يضغط على الدولة يتجه لأقرب مورد في منطقته ويغلقه، ويقايض الدولة به دون النظر إلى معاناة المواطن والخسائر التى قد تتكبدها الدولة جراء هذا العمل.
جضران أول المبتزين
الإغلاقات والاعتداءات بدأها إبراهيم الجضران الآمر السابق لحرس المنشآت النفطية للمنطقة الوسطى عندما أغلق الموانئ والحقول النفطية في المنطقة الوسطى؛ بحجة عدم وجود عددات، ومن ثم أصبح يبتز الدولة بدفع الملايين مقابل فتح الموانئ والحقول.
الجضران الذى أغلق الموانئ النفطية قرابة ثلاثة سنوات كلف الدولة الليبية خسائر كبيرة تقدر بـ 80 مليار دولار، وتسبب في أزمة اقتصادية تعاني منها الدولة الليبية حتى الآن، ووصلت آثارها للمواطن الليبي مباشرة.
حفتر واستغلال النفط
وفي صيف هذا العام قامت قوات الكرامة بأمر من قائدها، خليفة حفتر، الذى سيطر على الموانئ النفطية بالمنطقة الوسطى، وطرد صديق الأمس الجضران.
حاول حفتر كسر القانون الدولي، وضم ورقة النفط له، وقرر تسليم الموانئ للحكومة الموازية، وهذا ما رفضته المؤسسة الوطنية للنفط.
الوطنية للنفط طالبت حفتر بالتراجع عن قراره، ورفضت حالة القوة القاهرة، إلا أن حفتر لم يعدل عن قراره، وأغلق النفط حينها قرابة الأسبوعين قبل أن يتراجع عن قراره بأمر من الرئيس الأمريكي ترامب.
صمام الرياينة ناله نصيبه
احتجاجات حرس الموانئ النفطية لم تتوقف عند الجضران فقط، بل طالت أيضا صمام الرياينة بالمنطقة الغربية حين أعلن حرس المنشآت النفطية بالمنطقة الغربية إغلاق الصمام عام 2014، واستمر حتى ديسمبر 2016.
حرس المنشآت النفطية الغربية تحجج، في إغلاق الصمام الذى يربط حقل الفيل بمصفاة الزاوية؛ بعدم تقاضي المرتبات، وعدم توفير مطالبهم المتمثلة في علاوة وغداء، وتحسين ظروف أماكن الحراسة، إلا أن المؤسسة الوطنية للنفط رفضت الاستجابة لهذه المطالب، وعند توقيع الاتفاق السياسي ودخول الوفاق طرابلس أعلن حرس المنشآت الغربية إعادة افتتاح الصمام لتعود الحياة لحقل الفيل.
الشرارة والفيل ضحية الاحتجاجات
في عام 2017 احتج حرس المنشآت النفطية الذى يؤمن حقلي الشرارة والفيل على عدم صرف مرتباتهم لأكثر من عام ونصف، حينها دخلت الدولة الليبية في ابتزاز آخر عندما أعلن المحتجون عدم تأمين الحقلين حتى تصرف مرتباتهم ما اضطر الوطنية للنفط إلى إخلاء الحقلين، وإيقاف الإنتاج بهما.
مسلسل إغلاق حقلي الشرارة والفيل استمر فترات طويلة آخرها كان أمس السبت على يد محتجين من حراك “غضب فزان” الذين دخلوا حقل الشرارة، وأوقفوا الإنتاج به، متوعدين بإغلاقه حتى تنفذ مطالبهم المتمثلة في توفير الأمن، ودعم التنمية الاقتصادية في المنطقة الجنوبية.
الحراك الذى أغلق الشرارة تسبب في وقف الإنتاج في حقل الفيل الذى يتغدى بالكهرباء من حقل الشرارة، وسيكلف إغلاق الحقلين الدولة الليبية خسارة 32.5 مليون دولار يوميا.
منظومة المياه لم تسلم
ولم تسلم شبكة المياه من الهجمات والاعتداءات والإغلاقات، فقد تسببت مرارا في انقطاع المياه عن مدن الساحل الغربي عامة، ومدينة طرابلس خاصة التي يقيم فيها الملايين من السكان، وتكررت الاعتداءات بأشكال عديدة، وفي أوقات عدة لعمليات تخريب، منها إعلان مجموعة مسلحة اقتحامها لمنظومة الحساونة، وقطعها المياه عن طرابلس.
المجموعة المسلحة قايضت الحكومة بعودة المياه إلى طرابلس مقابل إطلاق سراح المبروك احنيش، الذي قبضت عليه قوة الردع في طرابلس؛ بتهمة تجنيد قوات مرتزقة للدخول إلى طرابلس.
ومع العبث الحاصل بمقدرات الليبين من نفط ومياه وغاز تظل الحكومات المتتالية المساهم الرئيس في استغلال المجموعات لموارد المواطن الذي لم ير منها إلا القليل.