in

الفرص الجديدة في الانتخابات البلدية

اعتماد نظام القائمة للانتخابات البلدية المرتقبة يعتبر خطوة في الاتجاه الصحيح، فأغلب البلديات انتخبت مجالسها في 2014 بنظام الصوت الفردي، وهذا ما جعل كثيراً من المجالس غير متناسقة ولا متجانسة وتزاحمت وتصادمت فيها الرؤى الفردية، إضافة إلى ذلك فإن هذه المجالس كانت على موعدٍ مع حالة الصراع والانقسام السياسي والتدهور الاقتصادي في البلاد الذي حرم المجالس البلدية من ميزانيات حقيقية لتنفيذ أي برامج أو مشاريع تنموية أو خدمية، بل جعلها قاصرة وأحياناً عاجزة عن القيام بمهامها في تسيير الشؤون البلدية المتعلقة بالخدمات والمرافق على وجه الخصوص، كما أن كثير من البلديات انخرطت في الجوانب السياسية مدفوعة بحالة الاحتقان السياسي الكبير الذي عمّ الجميع.

كل هذه العوامل جعلت من تجربة الإدارة المحلية المتمثلة في المجالس البلدية تجربة غير مشجعة وتستدعي إعادة النظر فيها، لذلك يمكن اعتبار اعتماد نظام القائمة في الانتخابات البلدية بداية جيدة من أجل التغيير إلى الأفضل، فالقوائم الانتخابية ستساهم بشكل كبير في عدم تشتيت الأصوات وذهابها إلى مرشحين هامشيين أو تجمعها لمرشح واحد مما يجعل عملية التصويت أكثر مصداقية، كما أن تكوين القوائم الانتخابية سيمثل دروساً عملية في بناء التحالفات والتكتلات السياسية، كما أن القوائم ستضمن جودة في نوعية الترشحات وواقعية البرامج الانتخابية، إذ سيحرص مؤسسو القوائم على ضمّ ذوي الكفاءة والخبرة إلى قوائمهم وتبنّي برامج انتخابية تنسجم مع صلاحيات المجالس البلدية وتلبي احتياجات كل بلدية بحسبها، كما أن نظام القائمة سيحافظ على معدّل لا بأس به من التنوع في القوائم المترشحة خاصة في البلديات الكبيرة التي فيها تنوع على مستوى القبيلة أو المكونات الثقافية (العرب والأمازيغ والتبو والطوارق)، إذ ستحرص القوائم على تمثيل الجميع، وهو ما سيؤدي إلى تراجع النعرة القبلية والتعصب للمكوّن.

ولا يمكن إغفال أن الكيانات السياسية المتمثلة في الأحزاب والتجمعات السياسية مطالبة بضرورة المشاركة في هذه الانتخابات إما بقوائمها أو ضمن قوائم تكتلات أو بدعم معلن لقوائم مترشحة.

 وتأتي ضرورة هذا الأمر لأمرين:

أحدهما تنقية الفكر الجمعي من رواسب تجريم العمل الحزبي، والتأكيد على أنه الأداة الأهم في الممارسة السياسية.

وثانيهما هو خلق حواضن اجتماعية حقيقية للكيانات السياسية وممارسة العمل السياسي من قاعدته الثابتة، بدل ما نشهده اليوم من أهرام سياسية مقلوبة ترتكز على رؤوسها لا قواعدها، ويبقى المعوّل عليه في دعم هذه الخطوة هو الخطاب النخبوي المشجع عليها لا المنفّر منها، ولا يمكن التعلل بأنّ المجالس البلدية ليست ميداناً للعمل السياسي، فهي وإن كانت أجساماً تنفيذية وخدمية إلا أنها جاءت بأدوات سياسية متمثلة في برامج انتخابية وعملية ترشح وتصويت مما يجعلها تمثل جزءاً من المشهد السياسي الكامل.

من جانب آخر يمكن اعتبار الانتخابات البلدية مقياساً لنجاح الانتخابات العامة التي لا زال الخلاف قائماً على موعد إجرائها وتحديد إطارها الدستوري وهي التي ستمثل بوابة الخروج من نفقة الأزمة السياسية القائمة.

إن الانتخابات البلدية ستكون بمثابة اختبار لقدرة المفوضية العليا للانتخابات على إجراء العملية الانتخابية في مختلف مناطق الصراع الليبي، كما أن هذه الانتخابات سترصد التعاطي الحقيقي لمختلف أطراف الأزمة وستجعل نزاهتها وحيادها على المحك، كما ستمتحن مدى احترامها للعملية الديمقراطية والتداول السلمي على السلطة.

يبقى أمر مهم وهو أن المجالس البلدية يجب أن تصرف لها ميزانياتها الكاملة لتتمكن من القيام بمهامها المنوطة بها ولتكون قادرة على تنفيذ برامجها وإنجاز وعودها الانتخابية، ولكي تخرج الإدارة المحلية من إطار العجز والفشل وتحقق عملية التغيير الانتخابي ثمرتها مما يعزز الثقة لدى المواطن في نتائج الصندوق وآلية الاحتكام إليه.

المصدر : موقع ليبيا الخبر

كُتب بواسطة raed_admin

استقرار الأوضاع الأمنية واستئناف الدراسة بمدينة صبراتة

مجلس الأمن يمدد ولاية فريق الخبراء، ويدرج معيارا جديدا للعقوبات