أدت طريقة منظمة للتزوير في الصين إلى خسارة شركة آبل مليارات الدولارات، وقد استمر هذا الاحتيال لسنوات عدة قبل أن تتمكن الشركة من كشفه والتعامل معه بهدوء.
وأورد الموقع الأميركي “ذي إنفورميشن” في تحقيق له بشأن هذا الموضوع تفاصيل ممارسات الصينيين وكيف اكتشفتها الشركة.
ونقلت المحررة في صحيفة ليزيكو الفرنسية ليلى مارشان عن الموقع المذكور، أن المحتالين الصينيين دأبوا على شراء هواتف آيفون تحت الضمان وإعادتها بعد ذلك بوقت وجيز إلى خدمة ما بعد البيع بشركة آبل، بعد أن يكونوا قد أفرغوها من كثير من قطعها الأصلية.
وتقول مارشان، إن آبل واجهت صعوبات كبيرة وهي تحاول الولوج إلى السوق الصينية، فتعرضت لضغوط من السلطات الصينية ولمنافسة الهواتف الذكية الرخيصة وتزوير هواتف آيفون نفسها.. إلخ، لكن كل ذلك لم يزعج الشركة مثلما أزعجتها مشكلة إعادة الهواتف المبيعة بوصفها متعطلة واستبدالها للزبون بهواتف جديدة، وهو ما كلفها أموالا طائلة.
والطريقة التي كان يتم بها ذلك بسيطة، إذ استغل هؤلاء المحتالون ثغرة في سياسة ضمان آبل، وظلوا يشترون هواتف آيفون أو يسرقونها ثم يعيدونها على الفور إلى متجر آبل في منطقة شنجان مدعين أنها لم تعد تعمل. والواقع أنهم يستبدلون القطع القيمة داخل الهاتف بقطع رديئة أو ربما حتى بأشياء تافهة يملؤون بها الفراغات التي تتركها إزالة تلك القطع، وظلت آبل -وفاء لما تمليه سياسة الضمان لديها- توفر هواتف بديلة لكل من يعيدون هواتف لا تعمل. وقد تعاظمت هذه الظاهرة لحد إرغام آبل على إغلاق مخزنها الوحيد في شنجان بصورة مؤقتة قبل خمس سنوات، وذلك بعد أن وجدت نفسها محاصرة بجحافل من العملاء في انتظار الحصول على بديل عن هواتفهم الجديدة.
وحسب ما نقلته ذي إنفورميشن عن عدد من موظفي آبل الذين لاحظوا هذه الظاهرة، فإن طلبات استبدال هواتف آيفون الجديدة المتعطلة بهواتف أخرى قفزت من مئتي طلب أسبوعيا إلى ألفي طلب خلال الأشهر الستة الأولى من فتح مخزن آبل بشينجان عام 2013، وهو ما لم يصله أي مخزن آخر للشركة في أي مكان من العالم.
تعامل حذر وقد قامت شركة آبل في النهاية بقياس حجم هذا الاحتيال بعد أن كلفت أحد خبرائها بمتابعة الأمر، فقام بعدّ الهواتف التي يتم تغيير هوية صاحبها فور إصلاحها ليكتشف أن أكثر من 60٪ من أجهزة آيفون المبيعة في الصين يتغير مالكها مباشرة بعد استبدالها.
وفي مواجهة هذا الاحتيال اختارت آبل اتخاذ إجراءات هادئة لتفادي ردود الفعل السلبية من الجمهور الصيني، وما قد ينتج عن ذلك من حملات تشويهية قد يقوم بها الإعلام الموجه من طرف السلطات الصينية.
وبدأت آبل هجوما مضادا صامتا ضد المحتالين الصينيين فقامت أولا بتطوير نظام يتطلب من العملاء أخذ مواعيدهم عبر الإنترنت مع وجوب إثبات الملكية، لكن الموقع سرعان ما تعرض لهجوم من قراصنة الإنترنت، ثم وضعت برنامج فحص للكشف السريع عن المكونات المزيفة، لكن المحتالين أفشلوا تلك الطريقة عبر تعطيل هاتف الآيفون بحيث لا يمكن تشغيله أو التحكم فيه.
وقد استمرت لعبة القط والفأر هذه لحد تمكن المحتالين من سحب بيانات من مراكز اتصال آبل ونقش أرقام تسلسلية صحيحة على هواتف مسروقة. وأخيرا قررت آبل طلاء بعض مكونات هواتفها بصبغ خاص لا يرى إلا تحت إضاءة معينة لتتمكن من تمييز الأصلي من هذه المكونات من المزور.
وقد تمكنت بذلك من تقليص نسبة التزوير إلى 20% من طلبات الاستبدال بعد أن كانت النسبة تصل 60% في عام 2013، لكن الشركة بدأت تلاحظ طرقا احتيالية مماثلة في كل من الصين والإمارات العربية المتحدة.
المصدر : الجزيرة نت