فتح تقرير الخبراء بمجلس الأمن الصادر في سبتمبر الماضي، الباب أمام المؤسسة الوطنية للنفط لملاحقة المتآمرين على الدولة الليبية، وتقديمهم للمحاكمة، وإنهاء حالة الإفلات من العقاب في جريمة بيع النفط بطرق غير مشروعة، فقد طالب رئيس المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله، دولة الإمارات باتخاذ إجراءات رادعة بحق الشركات المسجلة أو الأشخاص المتورطين في محاولات سرقة النفط الليبي المقيمين فيها.
وأكد صنع الله، خلال اجتماعه بوزير الدولة الإماراتي سلطان الجابر، أن إبرام عقود غير قانونية مع المؤسسة الموازية أو مع جهات غير مصرح لها بالتعاقد على النفط الخام بطريقة غير شرعية، تتعارض مع قرارات مجلس الأمن.
وفي سياق متصل، أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط إرسال 48 اسمًا لأفراد و”جماعات” إلى لجنة العقوبات بالأمم المتحدة؛ للتحقيق معهم بتهمة خرق قرارات أممية تتعلق بالنفط، وإضافتهم إلى قائمة العقوبات.
وأوضحت الوطنية للنفط، في بيان لها، أن الوثائق الواردة في تقرير الخبراء كشف وجود أدلة على حدوث خرق متكرر لقرارات الأمم المتحدة على يد رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية ببنغازي فرج سعيد، وأعضاء بمجلس النواب، ورئيس الحكومة المؤقتة عبد الله الثني، وعدد من تجار النفط حول العالم، إضافة إلى أفراد ومليشيات تهدد المؤسسات الليبية أو تمنع تصدير النفط الخام أو المنتجات النفطية.
وأكدت المؤسسة دعمها القوي لتوصيات فريق الخبراء بمجلس الأمن؛ لإنهاء مناخ الإفلات من العقاب السائد حاليا في ليبيا، مشددة على ضرورة تفتيش السفن المارة قبالة الساحل الليبي، المتجهة من ليبيا وإليها، التي يعتقد أنها تصدّر النفط الخام أو المنتجات النفطية بشكل غير مشروع.
وفي الاتجاه ذاته، بيّن صنع الله أن المؤسسة وشركات النفط الدولية والمجتمع الدولي يعملون باستمرار لتفادي التحايل على القانون الذي تقوم به المؤسسة الموزاية وشركاؤها الدوليون، مشددا على أن تطبيق سيادة القانون أمر أساسي لضمان استمرار الدولة الليبية.
وأكد صنع الله أن الأوضاع في ليبيا تحرّكها جهات خارجية لخدمة أجندات مختلفة، مفنّدًا ما يعتقده المجتمع الدولي من أن انعدام الأمن في ليبيا هو مشكلة داخلية، مطالبًا، في الوقت ذاته، خلال مؤتمر النفط والمال المنعقد في العاصمة البريطانية لندن في أكتوبر الحالي، بوضع استراتيجية موحَّدة لحل المشاكل الأمنية في ليبيا.
التورط الإماراتي في بيع النفط ليس جديدًا بل يعود إلى عام 2013 عندما حاول رئيس حرس المنشآت السابق إبراهيم الجضران بيع النفط عبر ناقلة النفط “مورننغ غلوري”، وهي ناقلة هندية الأصل حمّلت شحنة نفط من ميناء السدرة خلال وساطة شركة “”ENoc
وفي يونيو الماضي، كسبت المؤسسة الوطنية للنفط قضيتي التحكيم المقامتين أمام غرفة التجارة الدولية في باريس ضد المؤسسة من قبل شركة “تراستا للطاقة المحدودة” التابعة لمجموعة “الغرير” للاستثمار الإماراتية، حول النزاع القائم على الشركة الليبية الإماراتية لتكرير النفط المعروفة بـ”شركة ليركو” المشغلة لمصفاة رأس لانوف.
هيئة التحكيم قضت في حكمها النهائي برفض طلبات التعويض كافة التي تقدمت بها “شركة تراستا” ضد المؤسسة الوطنية للنفط، التي بلغ إجماليها 812 مليون دولار، في حين حكمت لصالح المؤسسة بمبلغ يقارب 116 مليون دولار، مضافًا إليه الفوائد، وذلك استجابة للطلبات المقابلة التي كانت المؤسسة تقدمت بها.
وفي يوليو الماضي، كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية عن “تورط” مسؤولين إماراتيين في محادثات مع قائد قوات الكرامة خليفة حفتر، لتسهيل بيع النفط عبر شركات إماراتية بطرق غير شرعية.
يبقى السؤال المطروح بعد تعافي إنتاج النفط في ليبيا، ورجوعه إلى مستويات قياسية في هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها البلاد: هل تتمكن المؤسسة الوطنية للنفط في ملاحقة المتهمين بسرقة النفط الليبي داخل ليبيا وخارجها؟ وهل يتوقف التدخل الإماراتي بتسويقها للنفط الليبي بطريقة غير شرعية بعد الموقف الصارم للمجتمع الدولي تجاه من يحاول تجاوز المؤسسة الشرعية في طرابلس؟