بعد الأحداث التي شهدتها العاصمة طرابلس في الآونة الأخيرة من تصعيد عسكري، اضطرت البعثة الأممية إلى التدخل وإنشاء قوة مشتركة لفض النزاع بالاتفاق مع أطراف عسكرية وأمنية محلية، عيّن السراج آمر المنطقة العسكرية الغربية أسامة الجويلي قائدًا لها.
بعد قرار اختيار الجويلي أصدر المجلس الرئاسي حزمة من القرارات، أبرزها تشكيل لجنة ترتيبات أمنية لطرابلس الكبرى، وأخرى لتقصي أوضاع المساجين في سجن قوة الردع الخاصة، بالإضافة إلى تشكيل قوة مشتركة لفض النزاع وبسط الأمن، فهل تجدي هذه القرارات، وتكون سببًا في ضبط الأمن، وإنهاء شبح الحرب في العاصمة وما حولها؟
قرارات ارتجالية
الكاتب علي أبوزيد يرى أن الأوضاع في طرابلس يشوبها الترقب والحذر، ويمكن لأي شرارة خلاف أو اشتباك أن تعيد الوضع إلى ما هو عليه، وأنّ الرئاسي يريد أن يغيّر نظرة الشارع له بعد اشتباكات طرابلس الأخيرة التي ظهر فيها بمظهر العاجز.
وقال أبوزيد، في تصريح للرائد، إنّ التحرك العاجل أمر مطلوب، ويجب أن يكون ذلك وفق خطة مدروسة ودقيقة ووفق معايير ينبغي الالتزام بها، مشيرا إلى أن الرئاسي يبدوا أنه يتحرك بطريقة ارتجالية، ويريد فقط إرسال رسالة أنه قادر على فعل شيء ما.
وأضاف أبوزيد أنه إذا كان قرار تقصي أحوال المساجين في معيتيقة ردة فعل لما جاء في تقرير خبراء الأمم المتحدة، فإنه لا يكفي، معتبرا أن هناك ما هو أبعد من ذلك مما يحتاج إلى شجاعة وسرعة في معالجته.
في الاتجاه الصحيح
في المقابل، رأى الكاتب والمحلل السياسي فرج فركاش، أن أي ترتيبات وقرارات أمنية تُفضي إلى فك الارتباط مع الكتائب والمليشيات المسلحة التي ولاؤها لقادتها، وليس لرئيس الوزراء أو وزير الداخلية ـ تعدّ خطوة في الاتجاه الصحيح، ويجب تشجيعها.
وبيّن فركاش، في تصريح للرائد، أن الطريق ما زالت طويلة وستكون هناك عقبات، وأن على السراج استغلال الدعم الدولي والمحلي لتثبيت الأمن والسلم في العاصمة.
وأضاف فركاش أن تثبيت الأمن هو المفتاح لنجاح الإصلاحات الاقتصادية، وقد يساهم في حصول انفراج سياسي رغم المحاولات المستميتة من بعض الأطراف لتأجيج الوضع في العاصمة؛ لتحقيق مكاسب سياسية، حتى لو كانت على حساب دماء وأشلاء الأبرياء.
وأشار فركاش إلى أن الأيام القادمة ستثبت مدى جدوى هذه القرارات، ومدى جدية المجتمع الدولي في المساهمة في ترسيخ الأمن في العاصمة.
تصور متكامل
ويرى آخرون أن الإصلاحات الاقتصادية والترتيبات الأمنية لن تنجح، وأن بعض الأطراف ستحتكم إلى السلاح مرة أخرى، ما لم يرافق هذه الترتيبات تصور سياسي متكامل يؤسس للمرحلة الدائمة دون إقصاء أي طرف.
وفي ظل هذا الوضع المتأزم، هل تنجح قرارات السراج في الدفع بالعملية الأمنية نحو تحقيق الاستقرار في العاصمة طرابلس ومحيطها، ودمج التشكيلات المسلحة في المنظومة الأمنية والعسكرية للدولة؟